أ.د.عثمان بن صالح العامر
على شرف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن مقرن نائب أمير المنطقة، وسعادة وكيل الإمارة الأستاذ علي بن سالم آل عامر، وعدد من أصحاب الفضيلة والسعادة ووجهاء المنطقة، أقام سعادة الدكتور حمد بن عقلا العقلا (أبو خلدون) حفل عشاء في (حيور العقلاء بحدري البلاد) وذلك مساء يوم الثلاثاء الماضي 18/ 2/ 1447هـ، الموافق 12/ 8/ 2025م، ومن وحي المكان، وفي وسط النخيل كان حديث سمو الأمير عن الشخصية الحائلية التي تحكي ملامحها، وتُبينُ مكنونها، وتروي قصتها، (حيور حائل)، فهي كنخيل حيورها، شخصية راسخة في أرضها، ثابتة بقيمها، لا تسقطها تلك الرياح القيمية التي تهب عليها من كل اتجاه، محافظة على أصالتها وعاداتها وأعرافها المتوارثة منذ زمن الآباء والأجداد، وفي ذات الوقت شامخة عالياً في أفق السماء، منتجة أطيب ما يتذوق البشر من طعام، ألا وهو (التمر)، ولذا فإنسان المنطقة بهذه المواصفات - في نظر سمو الأمير - هو الرقم الأهم لتسويقها سياحياً، فهو ليس عنواناً في الجود والكرم والشهامة والوفاء التي يعرفها الكل فحسب، بل هو كذلك رمز في صفات عدة هي محل الحديث العالمي اليوم، ولعل من أبرزها ومن يهمنا الحديث عنه هذا الوقت بالذات، سعة الصدر، وتقبل الآخر، والقدرة على احتواء الاختلاف أياً كان، وهذه صفات ليس جديدة في شخصية الإنسان الحائلي، بل هي سمات ومزايا وخصائص وقيم أخلاقية التصقت بالحائلين وعرف عنهم ذلك منذ زمن من غرسوا هذه الشامخات التي ترون في كل حير من حيور المنطقة، وهذا -أعني التواصل والتعارف والتعايش والتسامح الإنساني- مقوم أساس في السياحة العالمية اليوم، وكثيراً ما دوّنت فيه مقالات وكتب، وأُقيمت من أجل تفعيله واقعاً بشرياً نحياه ندوات ومحاضرات، ودارت حوله حوارات ونقاشات عالمية وعربية ووطنية، وله في هذا الجزء من الوطن -حاله حال بقية المناطق- حكايات وقصص لو استنطقنا هذه النخيل في أي حير من حيور الحائليين لروت لنا طرفاً ممّا مارسه الأجداد مع من جاءوا إلى هذه المنطقة سواء استقروا بها أو كانوا عابري سبيل وزوار، وما دوّنه المستشرقون الذي وطأت أقدامهم هذا الأرض من كتب ومقالات تبرهن وتدلِّل على طبيعة الإنسان الحائلي، وحسن تعامله مع المختلف، سواء أكان الاختلاف عقدياً أو فكرياً، أو اختلاف في اللون أو اللغة أو الجنسية أو.... فهو يفح صدره للآخر، كما هو فاتح بابه، ومرحب بضيفه، وفرح بوجوده في مجلسه.
من ناحية ثانية كانت حيور حائل أنموذجاً للتكاتف والتعاون بين الجيران والأقارب، ومقراً للتربية الجادة الفاعلة والمنجزة، وكلنا يذكر كيف يكون الحال حين وقت الجداد، وساعة حفر البير، وعندما يكون الحصاد.
والمؤمل في نظر صاحب السمو أن تكون هذه الحيور مشاريع استثمارية تعزِّز اقتصاد المنطقة، وتعود على ملاكها بالنفع المادي، وتشارك في تنوع مصادر الدخل الوطني، أحد الأهداف الرئيسة المنبثقة عن رؤية المملكة 2030، وجزماً هذه الحيور متى ما جهزت لاستقبال الزوار بشكل مدروس، ستكون ضمن برنامج السائح الذي جاء لهذا الجزء من الوطن العزيز المملكة العربية السعودية من أجل الاستجمام والراحة والاستمتاع.
لقد ألمح سمو الأمير من خلال طرحه الفلسفي العميق في ذلك المساء إلى المنزلة الرفيعة للنخلة، ولا عجب فهي ممدوحة في مرجعيتنا الشرعية، وركيزة أساس في شعارنا وطننا العزيز (المملكة العربية السعودية)، وذات دلالات عميقة في ارتباط الإنسان بأرضه وعشقه لها، وفي نفس الوقت عرج على شيء من سمات وسجايا إنسان هذه الأرض (حائل) فشكراً سمو الأمير على هذا الطرح الرائع، والاستخلاص المتميز، شكراً الصديق العزيز سعادة الدكتور حمد (أبو خلدون) على دعوتكم الكريمة لهذه المناسبة، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.