عايض بن خالد المطيري
كل صباح، يتكرر المشهد ذاته طريق رئيس مزدحم، أعصاب مشدودة، ووقت يضيع بسبب «حادث بسيط». سيارة تحتك بأخرى احتكاكاً لا يكاد يُرى، فيقف السائقان وسط الطريق منتظرين «نجم»، وكأن الحادث يستدعي خبير أدلة جنائية! لا سيما في المدن الكبرى مثل الرياض، وجدة، والدمام، حيث تتضاعف نتائج التأخير ويتسع أثرها.
الواقع أن نظام المرور واضح، والمبادرة التي أطلقتها شركة «نجم» بالتعاون مع الإدارة العامة للمرور تحت شعار «بلّغ، صوّر، جنب»، تُعد توجيهاً رسمياً يهدف إلى منع الزحام والاختناقات الناتجة عن الحوادث البسيطة.
كل ما يُطلب من السائقين لا يتجاوز ثلاث خطوات: التبليغ، التصوير من زوايا متعددة، ثم التجنيب الفوري للمركبة. لا شيء أكثر من ذلك.
المشكلة ليست في الأنظمة أو التعليمات، بل في الفهم والتطبيق. البعض يظن أن بقاءه في موقع الحادث إثبات للحق، أو ربما حماية من تحمّل المسؤولية. والحقيقة أن العكس هو الصحيح التصوير الدقيق هو الوثيقة، والتحرك جانباً هو احترام للآخرين ولسلامة الطريق.
فمن غير المنطقي أن تُشلّ حركة شارع كامل، وتعطّل مصالح الناس، لأن مرآة مركبة خُدشت، أو يتحوّل الطريق السريع إلى موقف سيارات بسبب «دفّة صدام» لا تُلاحظ إلا بعد تكبير الصورة.
والسؤال المؤلم: كم من طالب تأخر؟ ومريض تعطّل؟ وكم موعداً فاته أصحابه بسبب «حوادث تافهة» أصرّ أصحابها على إيقاف البلد من أجلها؟
لذا على المرور تطبيق النظام بحق من لم يتبع هذه التعليمات ويعوق حركة السير ويتسبب في الاختناقات المرورية بسبب حادث بسيط، لكي تكون حركة مدننا المرورية مرتبة وآمنة.
شركة «نجم»، كمؤسسة مسؤولة عن مباشرة الحوادث، قدّمت الحلول، لكن التحدي الحقيقي يكمن في التوعية الشاملة.
هذا الوعي يجب أن يصل إلى الجميع، وبكل اللغات: العربية، والإنجليزية، والأردية، وغيرها، بالإضافة إلى لغة الإشارة. إذ لا يمكننا أن نلوم وافداً أوقف الطريق، ونحن لم نُعرّفه بطريقة التصرف الصحيحة في مثل هذه الحالات.
ومن هنا تبرز أهمية إنتاج فيديوهات توعوية عملية بلغات متعددة تستهدف جميع الجاليات، تشرح بخطوات بسيطة كيفية التبليغ والتصوير والتجنيب، على أن تُنشر على نطاق واسع عبر منصات التواصل وشاشات الطرقات ومحطات الوقود. كما ينبغي إدراج تعليمات «بلّغ، صوّر، جنّب» ضمن برامج رخص القيادة، مع ضمان التزام شركات التأمين بما جاء فيها. كذلك إيصال هذه الرسالة بأسلوب مبسط وسريع للعموم عبر وسائل التواصل المؤثرة.
ولابد أن يدرك الجميع أن الطريق مساحة عامة ومسؤولية مشتركة، لا مجال فيها للأنانية أو الفوضى.
وتطبيق التعليمات ليس فقط حماية لحقك، بل هو انعكاس لاحترامك لحقوق الآخرين، وإسهام مباشر في تخفيف الزحام وحفظ الأرواح والمواعيد.