خالد بن عبدالرحمن الذييب
على ضفاف نهر نيرفون في منطقة الباسك شمال إسبانيا، إقليم نادي أتليتكو بلباو لعشاق كرة القدم، وبلد ميغيل أونامونو لعشاق الأدب والفلسفة، يقع متحف غوغنهايم في مدينة بلباو ومنها ظهر مصطلح «تأثير بلباو»، والذي يركز على استخدام مدينة لمشروع معماري بارز محفز لإعادة إحياء وتطوير الوضع الحضري للمدينة.
كانت بلباو من أكثر مدن إسبانيا تطوراً صناعياً بمصانعها العملاقة في مجالات الحديد والصلب وبناء السفن، إلا أن هذا المجد بدأ يتلاشى بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج في أوروبا مقابل الأسعار التنافسية التي كانت تقدمها بعض الدول وخاصة في قارة آسيا، بالإضافة إلى أزمة النفط العالمية في سبعينات القرن الماضي الميلادية، الأمر الذي نتج عنه إغلاق مصانع المدينة بشكل تدريجي وزيادة في معدل البطالة.
ونتيجة لهذا التدهور الاقتصادي قررت حكومة إقليم الباسك إعادة المدينة إلى الواجهة باتخاذ خطوة جريئة لتغيير هوية المدينة من مدينة صناعية إلى مركز ثقافي وسياحي عالمي، وذلك بالتعاون مع مؤسسة سولومون أر غوغنهايم، وهي منظمة أمريكية غير ربحية تأسست عام 1937م تهدف إلى فهم وتعزيز الفن المعاصر، وتدير شبكة متاحف عالمية بمسمى غوغنهايم، وذلك لإنشاء متحف على ضفاف نهر نيرفون في بلباو. وبناء على ذلك تم التنسيق مع ثلاثة معماريين بارزين هم الكندي ـ الأمريكي فرانك جيري، والياباني إيسوزاكي، وشركة كوب هيمليلو النمساوية لتقديم تصورات خلال ثلاثة أسابيع فقط، وتم اختيار تصميم جيري الذي يعتمد على فكرة الأشكال غير المنتظمة والسطوح المنحنية برؤية تعتمد على التفاعل مع المحيط الخارجي.
افتتح المتحف عام1997م وتحول بعد ذلك من مجرد مشروع لمدينة إلى ظاهرة عالمية، بحيث أصبح منطلقا أساسيا لعملية تطوير حضري شاملة للمدينة، ونتيجة عدد الزيارات الهائل لها بسبب المتحف، أدى بالمسؤولين عن المدينة إلى ضرورة الاهتمام بالمنطقة المحيطة بالمتحف، فأصبحت المسألة مثل لعبة الدومينو، كل منطقة تؤثر على سابقتها، منطقة المتحف أدت إلى الاهتمام بالمنطقة المحيطة بها، والمنطقة المحيطة به تؤدي إلى الاهتمام بالمنطقة المحيطة بالمداخل والمخارج لهذه المنطقة، والمداخل والمخارج لا بد أن يتواكب معها طرز عمرانية معينة وهكذا كل تأثير يمتد على الأثر الذي قبله ومن هنا ظهر مصطلح تأثير بلباو.
أخيراً...
تأثير بلباو يتحدث عن فكرة تكامل الأيقونة مع محيطها الخارجي، وتأثير ذلك على اقتصاديات المدينة.
ما بعد أخيراً...
تبقى المدينة لساكنيها... إلى أن يظهر «تأثير بلباو»!