عبدالإله بن محمد بن مرشد التميمي
في رحاب المسجد الحرام، حيث تتنزل السكينة وتتجلّى آيات الذكر الحكيم، تتلألأ مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها الخامسة والأربعين، حاملةً اسم مؤسس هذه البلاد المباركة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وراية المملكة في خدمة كتاب الله وأهله منذ انطلاقتها عام 1399هـ وحتى هذا العهد الزاهر الميمون، أضحت هذه المسابقة التي تنفذها وتشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ملتقى عالمي للصفوة من الحافظين في مختلف قارات العالم، الذين يرفعون أصواتهم بالقرآن في أقدس بقاع الأرض، لتتلاقى القلوب قبل الأصوات، ويشهد العالم على عظمة هذا الكتاب وعمق تأثيره.
وبمتابعة كريمة وجهود حثيثة من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على المسابقات القرآنية المحلية والدولية الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ بلغت المسابقة أوج رقيها وتقدمها وحيث طورت منظومتها وتضاعفت جوائزها وحققت إنجازات كبيرة في توسيع نطاق المشاركة فيها ليبلغ أكثر من 128 دولة حول العالم في منجز تاريخي يعكس حجم الجهود الاستثنائية التي تبذلها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بقيادة معالي الوزير الهمام الذي سابق الزمن وحقق رؤى وتوجيهات القيادة الحكيمة في جعل المملكة قبلة ووجهة عالمية في شتى المجالات ومنها مجال العناية بالقرآن الكريم وإكرام أهله الذين هم أهل الله وخاصته.
وتُقام التصفيات النهائية للمسابقة أسبوعاً كاملاً في رحاب المسجد الحرام، يتنافس فيها المشاركون من الدول المشاركة في فروع الجائزة الخمسة وفق ضوابط ونظام دقيق تراعي فيه مستويات متنوعة من الحفظ والتجويد والتفسير، مع تطبيق شروط ومعايير دقيقة وتوظيف للذكاء الاصطناعي في تحكيمها بدلاً من التحكيم التقليدي مواكبة لرؤية المملكة 2030 في تكثيف الجهود في مجالات التحول الرقمي لضمان جودة الأداء ودقة المنافسة، لتبقى روح القرآن محور كل شيء . وبتوجيهٍ كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله، تجسّد هذه المسابقة رسالة المملكة في العناية بالقرآن الكريم، وتأكيد دورها الريادي في نشر تعاليمه السمحة، وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال.
وبمتابعة معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، شهدت المسابقة تحولًا نوعيًا من الورقي إلى الذكي، مع استحداث نظام التحكيم الإلكتروني عام 2019م، الذي أضفى على التقييم سرعة ودقة متناهية، ومع تحديثه في الدورة الـ45 أصبح أكثر شفافية وموثوقية، مع إدماج روبوتات تفاعلية لخدمة المتسابقين والزوار، ليجتمع عبق الأصالة وروح الابتكار في منظومة متكاملة تخدم كتاب الله.
ولا يقتصر اهتمام معالي الوزير الموفق المسدد الذي يعمل ليل نهار « د. عبداللطيف آل الشيخ» حفظه الله، على التنظيم والتقنية فحسب، بل يتابع حفظة القرآن شخصيًا، ويجسد روح الإنسانية والحرص على الجميع.
فمن الأمثلة المضيئة على هذا الاهتمام، في مسابقات سابقة، جبر بخاطر أحد المتسابقين الذي لم يُوفَّق في الفوز بإحدى الجوائز بلفتة أبوية وعفوية، احتضنه وأكرمه وأمر بصرف مكافأة له، لتظل هذه القيم حاضرة دائمًا، مؤكدة أن قيمة الحافظ لا تُقاس بالميداليات، بل بالإخلاص في حمل كتاب الله.
اليوم، باتت المسابقة محط أنظار العالم الإسلامي، يُتابعها الملايين عبر البث المباشر، وتصل صداها إلى كل بلد تُرفع فيه كلمة «لا إله إلا الله». إنها ليست مجرد منافسة على المراتب، بل رسالة حضارية وروحية وإنسانية، تؤكد أن المملكة ماضية في حمل لواء القرآن، وأن خدمة كتاب الله شرف تتوارثه الأجيال، وتزهو به الأمم.