أحمد بني قيس
لم يعد الذكاء الاصطناعي (AI) مجرّد فكرة تتجوّل في صفحات الخيال العلمي، بل أصبح واقعاً حيّاً يتغلغل في تفاصيل حياتنا اليومية بداية من الهواتف الذكية وصولاً إلى تشخيص الأمراض ومن السيارات ذاتية القيادة وصولاً إلى الترجمة الفورية، إلا أن الذكاء الاصطناعي كما أوجد وعوداً مشرقة خلق أيضاً مخاوف مشروعة. فعلى صعيد الإيجابيات مثلاً يبرع الذكاء الاصطناعي في تسريع العمليات ورفع الإنتاجية خصوصاً في المهام التي تتطلّب دقة متناهية أو معالجة كمّ هائل من البيانات، كما أنه أيضاً يُسهم في تحسين جودة الحياة عبر ابتكار تطبيقات متنوعة الأثر والتأثير تصل إلى درجة إيجاد حلول تختصر الوقت وتخفّف الجهد وتلبّي احتياجات شتى للبشر. لكن الصورة ليست وردية بالكامل فتطوّر الذكاء الاصطناعي نفسه يحمل تحديات جادّة أبرزها فقدان الوظائف نتيجة تزايد اعتماد الشركات على الأتمتة والروبوتات، مما يُهدّد استقرار ملايين العاملين في الوظائف التقليدية خاصة أصحاب المهارات المحدودة. كما يبرز خطر آخر أشد تعقيداً يتمثل في تأثير الذكاء الاصطناعي على البُعد الأمني، حيث أصبح ممكناً توظيفه في مجالات التجسّس أو صناعة الأسلحة أو التلاعب السياسي وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة مصيرية حول حدود التعاطي مع هذا المجال وضوابطه.
في النهاية الذكاء الاصطناعي ليس خيراً محضاً ولا شراً مطلقاً وإنما أداة بيد الإنسان تتوقف نتائجها على مدى وعيه وإدراكه لأهمية كيف عليه التعامل معها حتى يتمكن من خلق توازن بين تمكين الوعد بالتقدّم وبين تحجيم هاجس السيطرة، وهذا التباين يقع تهذيبه وترشيده في المقام الأول على عاتق الحكومات والمجتمعات والعلماء الذين عليهم أن يوجّهوا هذا التطوّر نحو خدمة الإنسان لا نحو تهديد أمنه وسلامته.