محمد العبدالوهاب
أربعة أعوام مضت مع الشريك الأدبي.. أثبتت من خلالها المقاهي الثقافية نجاح التجربة في إثراء الفكر والمعرفة عبر فعاليتها المتعددة ومنصاتها المبهجة برواد الفكر والثقافة والإعلام نستمع ونستمتع بكل وعي وفكر مع أطروحاتهم العميقة في الشأن الثقافي والذي يهدف من خلالها الشريك الأدبي تعزيز الحوار والنقاش لبناء مجتمع ثقافي كنمط حياة جديدة لزوار المقاهي.. أعادتني لذكرى مناشط ثقافية كانت تقيمها الأندية الرياضية في التسعينات الميلادية من حيث الفكرة والمضمون والمحتوى، والتي كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب (آنذاك) تسعى إلى إشاعة الثقافة وتوسيع دائرة تفاعلها مع أطياف المجتمع خصوصاً جيل الشباب وأنها ليست حكراً وحصراً على المثقفين والأدباء فقط.
أقول: تستبطىء ذاكرتنا أحياناً في استدعاء الزمن الثقافي الماضي الجميل، ما لم يكن هناك أحداث ثقافية ملهمة أو تظاهرة فكرية مبهرة (لربما) منغصات الحياة وكثرة الأعمال وتهويل الارتباطات العائلية والمناسبات الاجتماعية أسهمت في ذلك الاستبطاء!
.. قبل أيام كانت لدي الرغبة للعودة إلى أحياء وأماكن عشت فيها عقودا زمنية بل كانت سنوات سخية من الذكريات الجميلة قضيت فيها مراحل نشأتي ودراستي وشبابي، أخذت طريقي لحي (حوطة خالد) المحصور ما بين شارع الظهيرة وشارع الوزير تحديداً جنوب شارع الخزان وشمال شارع الشميسي الجديد، لم يعد لمعالمه ومعارفه وجود! بيتنا أصبح جزءا من مواقف سيارات (أبراج الخالدية) ومدرستي معن بن زائدة أصبحت أرضا بيضاء بعد ما هدمت، أم رصيف أشيقر الذي تباع عليه الكتب هجر مكانه، وبقيت لوحة مكتبة اللواء بشارع الوزير صامدة رغم أنه ران عليها الصدأ واختفت بعض أحرفها بعد أن فرغت أرففها التي كانت تزخر بكتبها الثقافية وإصداراتها الحديثة من مجموعات قصصية وروايات ملهمة أذكر بعض من مؤلفيها الذين وضعوا أمامنا إرثا فكريا ومعرفيا ووعيا ثقافيا كحمد الجاسر وعبدالله بن خميس وعبدالكريم الجهيمان وعبدالعزيز الفيصل وعبدالرحمن الشبيلي وسعد البواردي وأحمد عثمان الصالح وغازي القصيبي وطاهر زمخشري وغيرهم.
.. ختاماً نترقب بهذه الأيام انطلاقة النسخة الخامسة للشريك الأدبي بكل لهفةً واشتياق على ما تبقى من التوهج من المقاهي الثقافية بعد أن امتلكت الخبرة في ثقافة الإدارة والقيادة والريادة وفي إطار واحد ومنظم أشبه بمؤسسة للفكر والمعرفة.