محمد العويفير
يعيش نادي الاتحاد السعودي مرحلة دقيقة بعد موسم ناجح ختمه ببطولتي الدوري وكأس الملك، مرحلة كان يفترض أن تشهد تحولات استراتيجية تضمن للفريق الاستمرارية على القمة في ظل المنافسة الشرسة بالدوري السعودي وصعود مستوى الأندية الأخرى، لكن حتى الآن تبدو المؤشرات وكأن الاتحاد يعيد ارتكاب نفس الأخطاء التي وقع فيها بعد موسم 22-23، حين حقق الاتحاد الدوري وكأس السوبر في موسم 22-23 اختار النادي أن يحافظ على تركيبة الفريق كما هي تقريباً، في وقت كانت فيه الأندية المنافسة تتسابق على استقطاب أسماء عالمية، هذا القرار الذي بُني على العاطفة والمكافأة المعنوية للاعبين انعكس سلباً على الموسم التالي، ليظهر الفريق بشكل باهت ويقدم واحداً من أسوأ مواسمه، اليوم وبعد موسم ناجح جديد يواجه الاتحاد ذات التحدي: هل يبني على إنجازاته بخطوات مدروسة، أم يكتفي بالمحافظة على الوضع القائم تحت تأثير العاطفة؟ حتى الآن لا تبدو التحركات على مستوى الصفقات أو الاستعدادات تعكس إدراكاً لضرورة التغيير، وإذا تحدثنا عن نقاط القوة في الاتحاد، فلن تكون القدرات التكتيكية للمدرب لوران بلان على رأس القائمة، ما أثبته الموسم الماضي أن بلان ليس من نوعية المدربين الذين يصنعون الفارق في التفاصيل التكتيكية داخل الملعب، قوته الحقيقية تكمن في غرفة الملابس، في خلق اللُحمة بين اللاعبين، وفرض شخصيته في الإدارة الداخلية للفريق. لكن هذا الجانب على أهميته لا يكفي وحده لقيادة نادٍ بحجم الاتحاد في منافسات محلية وقارية تحتاج إلى حلول تكتيكية عميقة ومتجددة. وهنا تظهر خطورة تكرار الخطأ، إذا لم يدرك الاتحاد أن المدرب بحاجة إلى دعم فني أو فكر تكتيكي موازٍ فإنه قد يسقط في نفس الفخ الذي وقع فيه سابقاً، حين راهن على الاستقرار والعاطفة على حساب تطوير المنظومة، المدرب وحده ليس المشكلة، بل هي انعكاس لعقلية أكبر، عقلية أن «الفريق الذي حقق البطولة قادر على تكرارها كما هو»، عقلية تكرم الماضي أكثر مما تستثمر في المستقبل، هذه العقلية كانت السبب في سقوط الاتحاد بعد موسم 22-23، وهي نفسها التي قد تقوده للسقوط مجدداً.
الكرة الحديثة لا تعترف بالاستقرار وحده، بل بالاستقرار مع التطوير، لا يكفي أن تحافظ على لاعبيك ومدربك، بل يجب أن تضيف جديداً، أن تدخل دماءً جديدة، أن ترفع مستوى المنافسة داخل الفريق، وأن تحرص على أن يكون جهازك الفني مواكباً للتحديات التكتيكية التي تفرضها المباريات الكبرى.
الاتحاد يقف اليوم أمام منعطف جديد، فإما أن يتعلم من دروس الماضي ويتعامل بعقلانية مع متطلبات المرحلة، سواء عبر تدعيم الفريق بالصفقات اللازمة أو عبر تقييم دور المدرب بموضوعية، أو أنه سيكرر نفس الحلقة المفرغة: موسم ناجح يتبعه موسم محبط بسبب قرارات بُنيت على العاطفة أكثر من الواقع.
رسالتي:
الاتحاد لا يخسر حين يتراجع فنياً فقط، بل حين يكرر أخطاءه بعاطفة تُكَرِّم الماضي وتنسى أن المستقبل لا يُبنى إلا بالعقل.
** **
- محلل فني