علي حسن حسون
عندما تصدر الخطابات أو التعليقات من الحسابات الرسمية لبعض الأندية، فإنها تكتسب بُعداً مختلفاً تماماً، إذ تُعد انعكاساً لموقف المؤسسة الرياضية نفسها، وليست مجرد تعبير عابر من مشجع متحمس أو منتمٍ عاطفياً لناديه. وهنا تكمن الخطورة؛ لأن تبني الخطاب الجماهيري العاطفي، والانخراط في تبادل عبارات «الطقطقة» أو السخرية بين الأندية، ينعكس بصورة مباشرة على الشارع الرياضي ويغذّي أجواء الاحتقان والتعصب ومن غير المقبول على الإطلاق أن نرى حساباً رسمياً لنادٍ مثل نادي النصر يطلق تغريدات غير محسوبة وغير عقلانية عقب فوزه على نادي الاتحاد في بطولة السوبر السعودي المقامة حالياً في هونج كونج.
فبدلاً من الاكتفاء بالاحتفال بالإنجاز والنتيجة، توجهت بعض التغريدات بشكل مباشر إلى نادي الهلال، الذي كان قد اعتذر عن المشاركة في السوبر بسبب حالة الإرهاق البدني التي تعرّض لها لاعبوه بعد مشاركته الأخيرة في بطولة كأس العالم للأندية.
لكن ما نُشر أوحى وكأن الهلال انسحب خوفاً من المقارنة في أعداد الجماهير المساندة بينه وبين النصر. وهنا نقف أمام طرح لا يخلو من التسخيف والاستخفاف بعقول المتابعين. فالهلال، تاريخياً وجماهيرياً، ليس بحاجة لإثبات حضوره أو جماهيريته، بل إن الاعتذار جاء في سياق منطقي يرتبط بالمشاركة المكثفة وضغط المباريات، ولا يليق أن يُحوَّر الأمر ويُفسَّر على نحو غير واقعي.
وعلى الجانب الآخر، نشر الحساب ذاته صوراً لبعض جماهير النصر المتواجدة في هونج كونج، التي قدمت من أجل مشاهدة نجمها العالمي الكبير كريستيانو رونالدو والحقيقة التي يعرفها الجميع أن هذه الجماهير لم تكن لتتعرف على اسم النصر أو تتابعه لولا وجود رونالدو، وذلك لغياب النادي عن كثير من البطولات الكبرى والمشاركات العالمية التي تُسهم في توسيع قاعدته الجماهيرية ومن الطبيعي القول إن وجود نجم عالمي بحجم رونالدو جذب أعداداً ضخمة من المتابعين من مختلف أنحاء العالم، لكن السؤال الأهم: هل ستبقى هذه الجماهير مرتبطة بالنادي بعد رحيل النجم؟ الإجابة تبقى رهينة بما يقدمه النادي من إنجازات حقيقية وملموسة على الساحة القارية والعالمية.
أما فيما يتعلق بالحديث الذي طُرح حول نادي الاتحاد والتشكيك في انتمائه أو اتهامه بالتلون وفق ألوان أندية أخرى، فهذا تجاوز مرفوض جملةً وتفصيلاً و مثل هذه العبارات ليست مجرد «مزاح» أو «دعابة»، بل تُعد إسقاطاً وانتقاصاً من قيمة فريق عريق له تاريخ طويل مليء بالبطولات والإنجازات المحلية والقارية، بل ويملك سجلاً في كأس العالم للأندية لا يزال خالداً في ذاكرة الجماهير وبالمقارنة المباشرة، فإن الاتحاد يتفوق بوضوح على النصر في عدد البطولات والإنجازات، وهو ما يجعل مثل هذه الإشارات أو السخرية في غير محلها وتفتقر لأدنى درجات الاحترام للمنافس.
ختاماً، إن دور الحسابات الرسمية للأندية يجب أن يرتقي ليعكس قيم الرياضة النبيلة ومبادئ التنافس الشريف، لا أن يكون امتداداً للتعصب الجماهيري أو وسيلة لتأجيج الصراعات. ومن هنا تأتي أهمية أن تخضع المنصات الإعلامية الرسمية للأندية لرقابة جادة ومشتركة من وزارة الرياضة ووزارة الإعلام معاً، للحد من هذه التجاوزات التي لا تمثل سوى رأي ضيق لا يليق أن يُنسب إلى مؤسسة رياضية كاملة وعلى العكس تماماً، يُفترض أن تكون الأندية قدوة في نشر ثقافة احترام الخصوم، وتقديم نموذج يُحتذى به في نبذ التعصب، مهما بلغت شدة المنافسة وحدّة الصراع داخل الملعب فالمنافسة تنتهي بصفارة الحكم، لكن الاحترام المتبادل يظل هو الأساس الذي تُبنى عليه الرياضة الحقيقية.