د. سطام بن عبدالله آل سعد
خرج الحساب الرسمي لنادي النصر بعد فوزه على الاتحاد في نصف نهائي كأس السوبر بتغريدات لا تليق بمؤسسة رياضية سعودية في زمن الاحتراف والاستثمار، وكأن من يكتب لا يُدرك موقعه ولا حجم المسؤولية المناطة به؛ فقد كانت التغريدات مشحونة بالإسقاطات، والرسائل المبطنة، والاستفزاز العلني تجاه أندية أخرى ولاعبين، وكأن من يدير الحساب نسي أنه يمثِّل كياناً يُفترض أن يكون ضمن مشروع الرؤية 2030 في الارتقاء بصورة الرياضة، لا في تعميق فجوات التعصب.
فمن يكتب هذه التغريدات وبأي هدف؟ وهل يدرك المسؤولون على الحساب أن هذه اللغة لا ترفع من قيمة النادي، بل تُنقص منه أمام الرأي العام المحلي والعالمي؟
لقد كانت فرحة النصر بالتأهل إلى النهائي هامشية مقارنة بفرحته عند اعتذار الهلال عن البطولة. وظهر ذلك بوضوح في التغريدات التي عجزت عن التعبير عن عقلية فريق ينافس على بطولة، وكشفت حالة احتقان مزمنة؛ إذ استغل القائمون على المنصة لحظة الانتصار وكأنها تصفية حسابات. فغابت اللغة الرياضية، وجاءت مكانها لغة التشفي، والرد، والغمز من قناة الآخرين. لذلك، نجد أن النصوص المنشورة لا تعبّر عن ثقة، وتعكس عُقداً قديمة أخرجها الانتصار إلى الواجهة في قالب احتفالي مشوَّه.
هذه الحسابات ليست ساحة للتنفيس والانفعالات العابرة، بل منصات تعبِّر عن سياسة النادي وخطابه المؤسسي. وحين يغرد نادٍ يرعاه صندوق الاستثمارات العامة بلغة المقاهي أو مدرجات الحواري، فإن الخلل يتجاوز النص إلى الفهم الحقيقي لوظيفة النادي في زمن تحوّل الأندية من هاوية إلى محترفة، وأذرع ناعمة تُقدَّم من خلالها صورة الرياضة السعودية الجديدة للعالم. وأي انحراف عن هذا الإطار، حتى في لحظة فوز، لا يعني سوى سقوط في الدور وتشويه للفهم.
غير أن الأخطر أن مثل هذه التغريدات تضر النادي نفسه وليس الخصوم. فتُفقده هيبته، وتقلل من ثقة المستثمرين، وتُظهره أمام الجماهير كمن لا يعرف كيف ينتصر، ولا كيف يُعبر بعد الانتصار.
لا أحد يطلب من الأندية أن تصمت. لكن المطلوب أن تعرف متى تتحدث، وكيف تقول، وماذا تمثّل. فالفوز لا يعني الغرور، والانتصار لا يبرر الإساءة، والحساب الرسمي ليس مكاناً للثأر الجماهيري. ما حدث يستدعي تدخلاً واضحاً من وزارة الرياضة، فالمسألة تجاوزت منشوراً عابراً إلى صورة كيان يُفترض أن يمثِّل الوطن لا أن يُشوِّه صورته.
فقط لنتذكر.. حين تتحدث المؤسسة بلغة... لا ترتفع المؤسسة.