م. بدر بن ناصر الحمدان
«أمي لطيفة»، هكذا كنت وما زلت أناديك يا «جدتي»، منذ إطلالتي الأولى على هذه الحياة، وحتى اليوم. لم أعرفك سوى «أمي»، لأنك «أمي» التي تربينا في كنفها منذ نعومة أظفارنا، وكنت الحضن الدافئ الذي يلجأ إليه الجميع، صغاراً وكباراً، وملتقى أفراحهم وأحزانهم، على الرغم من معاناتك الطويلة، ومرارة الزمن الذي مرَّ بك. ها أنت رحلت عنَّا، لقد غادرت بهدوء، حتى في رحيلك كنت رحيمة بمن حولك.
أتذكرين أيامنا الجميلة، أنا أذكرها، لقد كان عمراً مليئاً بالحياة في حضرتك، ذاكرتي حبلى بكل تلك التفاصيل التي عشناها معك، وعشتها معنا، أننسى تلك الأيام العالقة بنا، واللحظات الغارقة بعبق حبك الكبير الذي يليق بك وبما قدمته من تضحيات لأجلنا طوال تلك السنوات التي مرّت بكل ما حملته من ألم ومعاناة ما كان لأحد أن يصبر عليها سواك، أهكذا غادرناها، ولن تعود!
تعوّدت أن أرثي من رحلوا، لكنك لم ترحلي، مثلك ملامحه لا تغيب حتى وإن توارت عنَّا، باقية بيننا وفي ذاكرتنا، وفاء لكل ما تركته وراءك من أجلنا، فأثرك باق في داخل كل من رافقك تلك الرحلة المضنية والطويلة..
«أُعَزِّي النَّفْسَ عنكِ بمثلِ هذا
وليسَ لمِثلِ أُمِّكَ يُستعَاذُ»
فالعهد بكِ باقٍ ما حيينا، وإنا على فراقك لمحزونون.