عبدالله إبراهيم الكعيد
اختتمتُ مقالة الأسبوع الماضي المعنون بــ(الطاعة العمياء) بقولي:
«حين يغيب التفكير الناقد يتوقف الناس عن طرح الأسئلة والتفكير في معنى المواقف. للخروج من مأزق الطاعة العمياء لا مناص من تعزيز ثقافة المسؤولية الفردية ونشر التفكير الناقد والتشجيع على طرح الأسئلة» وقد وردني رد متفائل من قارئ رمز لاسمه (خ.ع. البرّاك) اختصره بقوله: تطالب كاتبنا المحترم في مقالك بنشر مفهوم التفكير الناقد والحث على طرح الأسئلة. ألم تطلّع على منهج التفكير الناقد المقرّ من قِبل وزارة التعليم ويدرّس في المرحلة المتوسطة والثانوية؟ أليس في تلك الخطوة الذكية من الوزارة ما يستحق الثناء؟ الخ.
أقول: كنت اسمع مثل غيري عن إدخال منهج لتعليم مهارات التفكير الناقد في التعليم العام، ولكن بحكم عدم وجود أحد أفراد أسرتي الصغيرة على مقاعد الدراسة لم اطلّع على المتغيرات التي أجريت على مناهج التعليم وما هي المقررات التي دُمجت والأخرى المستحدثة. بعد البحث اتضح أن مادة التفكير الناقد قُررت على طلاب المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية. مقرر المرحلة المتوسطة يتم التعرف فيه على مفهوم هذا النمط من التفكير ويُزوّد الطلاب بالضوابط الأساسية لكيفية حل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة. أما في المرحلة الثانوية فيتم التوسع في تعلّم مهارات التفكير الناقد ويتدرب طلاب تلك المرحلة على تطبيق تلك المهارات في مجالات متعددة مثل الحوار والمناظرة وفحص الأدلة وكشف المغالطات.
بحثت عن الكتب المقررة لتدريس تلك المادة بغرض الاطلاع لا غير، فزودني أحد المعلمين الأفاضل بمقرر الصف الثالث المتوسط طبعة 2021 الذي تم التمهيد له بمقدمة تشرح مفهوم التفكير الناقد ولماذا هو ضرورة للطلاب اذ يُساهم في التفكير المنطقي في مجالات العلوم والرياضيات والذكاء الاصطناعي. ونص الجزء الأخير من التمهيد على الإشارة الى أن تنظيم التفكير يُسهم في تأصيل قيم المجتمع التي ينبغي أن تقوم على التسامح واحترام الآخر والتعاون الخلاّق لبناء المستقبل.
لم تُغفل فاتحة المقرر إياه الإشارة إلى المتغيرات التي تحدث في العالم في مختلف الميادين وحاجة النشء للحصانة من الأفكار الهدّامة خاصة في ظل ذلك الانفتاح الإعلامي وتلاشي الحدود وبالتالي تجاوزت عملية التثاقف الدول والشعوب مما يستوجب تحصين الهوية الدينية والوطنية والثقافية وقيم المجتمع وتقاليده حتى لا ينزلق الشباب وراء الخداع المعرفي والأكاذيب والتطرف.
صفوة القول: إن من الإنصاف إزجاء الشكر والتقدير للقائمين على المؤسسة التعليمية في بلادنا لاهتمامهم بتطوير المناهج والمقررات الدراسية التي شهدت بالفعل تحديثاً نوعياً ارتقى ويرتقي بعقول الناشئة نحو آفاق معرفية نافعة للبشرية بصفة عامة وأنهت بذلك حقبة التلقين التي انتجت في الماضي نُسخاً مكررة فقيرة الإنتاج ضعيفة التأثير.