طفلة النفيعي
قرأتُ مؤخرًا كتابًا يُعد من الإصدارات الحديثة، وهو كتاب «الفشل بامتياز» للمؤلفين: شيلي دافيدو وبول ويليامز، ترجمة كمال شريقي.
وعندما نسمع كلمة «فشل»، غالبًا ما نشعر بالخوف، أو الإحباط، أو التردد.. لكن، هل تساءلت يومًا، أيها القارئ الكريم:
هل يمكن أن يكون الفشل درسًا يقود إلى النجاح؟
وهل الفشل هو النهاية؟ أم أنه مجرد خطوة وتجربة ضمن رحلة الألف ميل نحو القمة؟
الفشل ليس عدوًا.. بل معلّم!
الفشل ليس عيبًا، بل هو تجربة، ويمكن القول إنه أحد أهم الدروس التي تُصقَل بها شخصية الإنسان، وتُبنى من خلالها النجاحات الحقيقية.
فلو رجعنا إلى تميّز كثيرٍ من سير العظماء والعقول النيّرة عبر التاريخ الإنساني، الذين خدموا البشرية، لشاهدنا ورأينا - بما لا يدع مجالًا للشك - أنهم قد مرّوا بمحطات فشل قاسية، قبل أن يحققوا إنجازاتهم الكبرى ويحتفوا بها.
مثلًا: توماس إديسون فشل مئات المرات قبل أن يقوم باختراع المصباح الكهربائي، وقال عبارته الشهيرة:
«لم أفشل، بل وجدتُ عشرة آلاف طريقة لا تعمل.»
وكذلك، لو نظرنا إلى العصر الحديث، نجد الكاتبة جوان كاثلين رولينغ، صاحبة سلسلة «هاري بوتر» الشهيرة، والتي طرقت اثنتي عشرة دارًا من دور النشر، قبل أن تحصد هذا النجاح المنقطع النظير على مستوى العالم.
فلماذا يُعد الفشل خطوة نحو النجاح؟
الجواب: لعدة أسباب، منها:
أولًا: لأنه يكشف نقاط الضعف لدينا، وبالتالي نحنُ نعمل على معالجتها وتحويلها إلى نقاط قوة جديدة.
ثانيًا: يساعدنا على رؤية الأمور بوضوح، ويدفعنا لتحليل ما لم ينجح، ولماذا لم ينجح.
ثالثًا: يعزّز فينا قيمة الصبر والمثابرة.
فمن لا يعرف طَعم الفشل، قد لا يُقدّر قيمة النجاح.
ولأن الفشل، أو التجارب التي «أخفقنا فيها»، والتي لم يُقدّر الله لها النجاح كما نحب، تعطينا دافعًا أقوى للاستمرار والتحدّي.
والأكيد، أيها القارئ الكريم، أن كل تجربة فاشلة تُضيف إلى خبراتنا شيئًا جديدًا نتعلّم منه كيفية التخطيط الأفضل، والتفكير النقدي، وتجنّب الأخطاء في المستقبل.
وهنا نتذكّر المقولة الشهيرة:
«ليس المهم أن تسقط، لكن الأهم أن تنهض بعد السقوط.»
وكذلك بيت الشعر المحفّز للشاعر الفذّ أبي القاسم الشابي، رحمه الله:
«ومن يتهيب صعود الجبالِ.. يعِشْ أبدَ الدهر بين الحفر.»
وفي الختام:
الفشل ليس نهاية العالم، بل هو بداية جديدة، وخطوة ضرورية في طريق كل ناجح.
نعم، الفشل يُعلّم النجاح، بل هو أحد أهم أساتذته!
المهم ألا نستسلم له، بل ننهض، ونتعلّم، ونواصل السير بثقة نحو أهدافنا.
ولا ننسى قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «استعن بالله ولا تعجز.»