عبدالكريم بن دهام الدهام
يعد العمل التطوعي قيمةً متأصلةً ومتجذِّرةً في مجتمع المملكة العربية السعودية، وهو ظاهرة اجتماعية صحية تحرز التكافل والتناصر والتعاون بين جميع أفراد المجتمع، وفيها العديد من المعاني العظيمة، التي تظهر أحاسيس البذل والعطاء والتسابق في فعل الخير لدى الأشخاص، كما يشكِّل التطوع وجهاً مضيئاً من أوجه تعاضد المجتمع السعودي وحيويته، يمثِّل منهجاً حضارياً، يبرز التآزر والتعاون بين أفراد المجتمع أجمع، وضمن مختلف هيئاته ومؤسساته وقطاعاته، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بجميع معاني الخير والبذل والعطاء، ويظهر مدى الدعم والاهتمام الذي تمنحه المملكة العربية السعودية، لتحفيز العمل التطوعي، وبث قيمه الفريدة في أنفس المواطنين والمقيمين على أرض المملكة.
والحاصل أن ثقافة العمل التطوعي مترسخة في عقول وقلوب أبناء مجتمع المملكة العربية السعودية، حيث إن البذل والعطاء من بين قيم التلاحم والتكاتف التي تعوَّد عليها أبناء المملكة منذ سالف الأزمان.
وقد حرصت المملكة على تأصيل وتقوية هذه القيمة المجتمعية الرفيعة، حيث هيأت جميع أنواع المساندة والتأييد للعمل التطوعي بأشكاله جميعها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إنشاء المنصة الوطنية للعمل التطوعي، تمنح الذين لديهم رغبة في المشاركة بأعمال تطوعية الوصول إلى البرامج والفعاليات والجهات ذات العلاقة، وتمكنهم من أداء مهامهم المجتمعية بكل سلاسة ونجاح في بيئة داعمة ومحفزة، وهو ما يعني أن مفهوم التطوع يأخذ اهتماماً رسمياً وعناية كبيرة على مستوى القيادة الرشيدة -أعزها الله-، وعلى جميع المستويات الحكومية والأهلية في المملكة، في ظل الرؤية الوطنية الطموحة 2030.
وبيَّن التقرير السنوي لعام 2024م الذي أصدره المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، أن القطاع غير الربحي، نجح في الوصول إلى مليون متطوِّع، محققاً هذا الهدف قبل حلول عام الرؤية بست سنوات، موضحاً أن القطاع شهد نسبة نمو بلغت 252 %، في عدد المنظمات غير الربحية، وصل نسبة المنظمات غير الربحية المتخصصة منها، التي تدعم الأولويات التنموية 92 %، إضافة إلى مساهمة المنظمات غير الربحية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.99 %، ونسبة العاملين في القطاع غير الربحي من إجمالي القوى العاملة، التي تجاوزت 0.64 %.
ومن دون أدنى شك، فإن هذا الرسوخ لثقافة التطوع في المجتمع السعودي، إنما هو مستمد من تعاليم ديننا الإسلامي العظيم، فالعمل التطوعي المؤثِّر والهادف من الأعمال التي تشجع عليها شريعتنا الإسلامية التي تؤكد مبادئ التكافل والتناصر والتآخي والتعاضد.
وبالنظر إلى هذه الأهمية الكبيرة للعمل التطوعي، فإن الهيئات والمؤسسات المختصة في المملكة، ومنها الدوائر الإعلامية وقطاع التعليم، عليها واجب الترويج لثقافة العمل التطوّعي، وإبراز مكنوناته الإيجابية، التي تعزِّز البنيان المجتمعي المتراص، ويوثب أفراد المجتمع على الانضمام في مسار الأعمال التطوعية بجميع أنواعها الهادفة والبناءة.
وختاماً، التطوّع في وطننا الحبيب «المملكة العربية السعودية» ليس مجرد مبادرة فردية، بل هو التزام جماعي يعكس رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله- في أن تكون مثالاً عالمياً في العمل الإنساني والتنموي الرائد.