د.شريف بن محمد الأتربي
لم يكن أكثر المتفائلين من التربويين أو غيرهم من المهتمين أو المهمومين بالتعليم في المملكة العربية السعودية يطمح أن يسمع من معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان أكثر مما سمعناه في المؤتمر الصحفي للتواصل الحكومي، حيث عرض معاليه أهم التطورات والتغييرات التي حدثت في الميدان التعليمي خلال الفترة الماضية مدعومةً بأرقام وإحصائيات تشير إلى كم الجهد والعمل اللذين بُذلا من أجل تحقيقهما.
لا أعرف من أين أبدأ استعراضي لأبرز ما ورد في كلمة معالي الوزير، خاصة فيما يخص التعليم العام، فكل ما ورد بها يثير الإعجاب والفخر والحماسة في نفوسنا جميعًا سواء كتربويين أو أولياء أمور. ولعلي أبدأ بنقطة في غاية الأهمية لاحظتها، ولاحظها كل من حضر أو استمع إلى كلمة معاليه، وهي: الشراكات. لم تخلُ كل الإنجازات التي طرحها معالي الوزير في كلمته من كلمة الشراكة والتعاون، هذه الكلمة التي تفتح الباب أمام الجميع للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في التعليم.
ولو أردنا حصر هذه الشراكات ما تمكنا بسهولة نظرًا لتنوعها وتعددها سواء على مستوى الجهات المحلية الوطنية أو على المستوى الخارجي. ومن أبرز هذه الشراكات ما تم مع عدد من الوزارات في المملكة لإنتاج نموذج تعليمي متفرد يخدم فئة من المتميزين والموهوبين، سواء كان هذا التميز رياضيًا، أو ثقافيًا، أو علميًا، أو تقنيًا، أو غيرها من المجالات، فالكل سيجد المكان الذي سيمكنه من إبراز قدراته وثقل مهارته.
المدرسة أولًا. كلمة موجزة تغني عن آلاف الكلمات، فقد سبق وأن نادينا مرارًا وتكرارًا بضرورة تحسين البيئة المدرسية، مما سينعكس على البيئة الصفية. ليروي معالي الوزير ظمأ تعطشنا إلى ذلك بحزمة من الإنجازات التي تصب جميعها -ولله الحمد- في خانة تحقيق هذه الغاية. فمن إعادة هيكلة الإدارات التعليمية، إلى تنفيذ مشروعات مدرسية وصيانة مبانٍ تعليمية، وغيرها من المشاريع التي تجاوزت قيمتها ما يقارب 4 مليارات ريال، لتكون هذه المؤسسات التعليمية جاهزة وحاضرة لاستقبال أبنائنا الطلاب في أبهى حلة وأجمل إطلالة لها منذ عقود طويلة.
وضع معالي الوزير وجميع منسوبي وزارة التعليم الطلبة نصب أعينهم، وجعلوهم هم الاستثمار الأغلى، حيث أُطلقت العديد من البرامج والمبادرات لدعم الطلاب والطالبات لتحقيق أهدافهم، والمشاركة في تحسين جودة مخرجات العملية التعليمية من خلال جهودهم هم أنفسهم، والتي انعكست بدورها على تحسن نتائج الطلبة في الاختبارات الدولية.
لقد اهتمت وزارة التعليم ببرامج الطفولة المبكرة، وزيادة عدد الملتحقين بالروضات، وكذلك رعاية الموهوبين والموهوبات، حتى وصلت نسبة الزيادة في المسجلين في برنامج رعاية الموهوبين ما يقارب 72% في عام 2024 مقارنة بعام 2023.
لقد أولت الدولة -أعزها الله- ذوي الإعاقة رعاية خاصة، فهم فئة غالية على قلوبنا جميعًا؛ حيث عملت الوزارة، وبالتعاون مع العديد من الجهات الرسمية والاجتماعية داخل المجتمع، على توفير برامج رعاية خاصة لهم، حيث بلغ عدد المستفيدين منها أكثر من 94,000 طالب وطالبة.
لم تكن المناهج الدراسية بمعزل عن كلمة معالي الوزير، فهذه المناهج تمثل المعارف والخبرات والمهارات التي تعمل الدولة على اكتسابها وتنميتها لدى أبنائها لمساعدتهم على الانخراط في المجتمع وسوق العمل بسهولة ويسر، وهم ركيزة سعودة وتوطين الوظائف داخل المملكة. فكانت المناهج المتكاملة التي تعزز المعرفة، وتنمي المهارة، وترسخ القيم هي وسيلة التعليم لتحقيق ذلك، ولم تكن الممارسة العملية غائبة عن تلك المناهج، بل شملتها العديد من الأنشطة والتجارب داخل وخارج الفصول الدراسية والبيئة المدرسية. كما استُحدثت العديد من المناهج الدراسية التي تتواءم مع رؤية المملكة، حيث تم إدراج مناهج للأمن السيبراني، وللذكاء الاصطناعي، إلى جانب تدريس اللغة الصينية.
معلم منافس عالميًا. من معلم قادر على تدريس مادته العلمية فقط داخل الفصل، إلى معلم منافس عالميًا، رؤية طموحة للوزارة صاغها معالي الوزير في هذه الكلمات القصيرة عددًا، والعميقة فعلًا، ومفهومًا، ودلالة. 520,000 فرصة تدريبية، 1,000 فرصة ابتعاث للتدريب على اللغة الصينية، ماجستير في القيادة المدرسية، وغيرها من البرامج التي يقدمها المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي للمعلمين والمعلمات بالشراكة مع العديد من الجامعات والمعاهد الوطنية والعالمية، لينطلق من خلالها المعلمون والمعلمات للمنافسة عالميًا ورفع راية المملكة في المحافل الدولية التعليمية.
لم تكن كل هذه الجهود لتتحقق لولا الله سبحانه وتعالى وجهود القائمين عليها داخل وخارج الوزارة. ولعلي هنا أوجه الشكر لكل العاملين في شركة تطوير التعليم القابضة والذين لا يألون جهدًا لتحقيق أفضل الحلول العلمية والعملية لجميع مشكلات العملية التعليمية، سواء فيما يتعلق بالمقررات، أو النقل، أو المباني، أو التقنيات، والتي أحدثت فيها شركة تطوير لتقنيات التعليم (تيتكو) طفرة هائلة في مجال التحول الرقمي في التعليم.
معالي وزير التعليم؛ شكرًا لمعاليك، لقد سعدنا بسماع كلماتك التي أدخلت علينا البهجة والسرور والتفاؤل بأن القادم هو الأفضل بإذن الله.