سلمان بن محمد العُمري
في يوم واحد أطلق اثنان من رجال الأعمال بمدينة بريدة ثلاثة مشاريع تعليمية وقفية بمبلغ خمسة وعشرين مليون ريال، وهذا العمل الوقفي المتميز ليس بغريب على بريدة ولا على رجالاتها ورجالات المملكة عموماً، فجزاهما الله خير الجزاء وأكثر من أمثالهما وجعل ما قدموه جميعا في ميزان حسناتهم.
وقبل التعليق على المشاريع لابد أن نذكر ونشكر أصحاب هذه المشاريع الخيرية، وهما رجل الأعمال عبد العزيز بن عبدالله الحميد، الذي تبرع بإنشاء مبنى مدرسي «بنين» بقيمة خمسة ملايين ريال باسم والده في مدينة بريدة حي البساتين، ضمن الأوقاف التعليمية، والآخر هو رجل الأعمال صالح بن إبراهيم الهبدان الذي تبرع بإنشاء مبنيين دراسيين (مدرستين)
كأوقاف تعليمية عن والديه -رحمهما الله- بقيمة عشرة ملايين ريال، وفي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن هذه المشاريع تم انطلاق الدراسة بمدرسة محمد بن عبدالله الفوزان السابق الابتدائية في بريدة امتداداً لمشاريع الأوقاف التعليمية بمنطقة القصيم.
والجميل في الأمر، أن هذه الأوقاف التعليمية والتي تقوم في كل وقت فتح جديد في مجال العمل الوقفي يقف داعماً له ومشجعاً صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة القصيم، الذي اسهم بدعمه المعنوي في تشجيع رجال الأعمال في فتح مشاريع وقفية جديدة ومفيدة في مجالات الصحة والتعليم والثقافة والمجالات الاجتماعية المتنوعة، كما أن الجميل في هذا الوقف أو الأوقاف أنها كانت أعمال بر شاملة، فعدا كونها أوقافا هي أعمال بر للوالدين تبرع بها هؤلاء، ومثل ذلك الوقف الخيري لتعليم القرآن الكريم، الذي تبرع به قبل وفاته العم الشيخ ناصر بن سليمان العُمري -رحمه الله- لوالدته، وضم مشروعاً وقفياً عملاقاً لتعليم القرآن الكريم يشمل معهداً بكافة مرافقه وبما يقرب من العشرين مليون ريال.
إن التميز في العمل الوقفي في بريدة لم يأتِ من فراغ، فهو استشعار هؤلاء المواطنين الصادقين المخلصين بحقوق وطنهم ومجتمعهم، وأهمية البذل والعطاء لهما، ومحبة في عمل الخير، وابتغاء ما عند الله سبحانه وتعالى، يساند ذلك ويعاضده التعاون الكبير من الجهات ذات العلاقة، وفي مقدمتها إمارة منطقة القصيم وأميرها المحبوب فيصل بن مشعل الذي يوجه كافة القطاعات دائماً وأبداً إلى تسهيل الإجراءات التي تساعد في قيام المشاريع الخيرية.
أتذكر مشروعاً وقفياً لا يزال قائماً في بريدة يعد في حينه من أكبر المشاريع الوقفية بالمملكة أنشأه المحسن علي بن فهد الهزاع -رحمه الله-، وفي موقع تجاري حيوي مهم وخصص ريعه للمشروعات الخيرية في بريدة، وعلى الرغم من مضي ما يزيد على خمسة وأربعين عاماً على هذا الوقف إلا أنه لا يزال ولله الحمد يعطي عطاء كبيراً.
وحينما نتحدث عن الأوقاف في المملكة بوجه عام، وفي بريدة بوجه خاص، لا ننسى الوجيه والباذل رجل الأعمال عبدالله بن صالح العثيم - وفقه الله- الذي أنفق مشروعات وقفية في داخل المملكة بمليارات الريالات، وفي بريدة منها الشيء الكثير، وسبق وأن سمعت إبان زياراتي العملية السابقة لجمعيات البر وتحفيظ القرآن الكريم في بريدة من المسؤولين فيها عن تميز هاتين الجمعيتين في المجال الوقفي، وتحقيقهما الكثير من المنجزات المتميزة والمتفردة منذ وقت مبكر، ولا ننسى أهل الفضل والخير من أبناء بريدة الذين لهم إسهامات متعددة في المجال الوقفي لا يتسع المجال لسردها في هذه الزاوية.
وهذه الإلمامة البسيطة والسريعة على مشاريع وقفية تعليمية حديثة جذبتني للحديث عنها، والحديث عن الأوقاف والعمل الخيري بالمنطقة يطول ويطول. يقول الشاعر عبدالمجيد بن محمد العُمري:
بريدة وسط بلدان القصيم
كمثل البدر ما بين النجوم
وأهلوها هم النجباء حقاً
ونالوا المجد من زمن قديم
تراهم مبرزين بكل أمرٍ
بذي الدنيا وبالدين القويم
كرام كم لهم من مكرمات
يورثها الكريم إلى الكريم
بهم خير لقد عم البرايا
تجاوز للحدود وللتخوم