رقية سليمان الهويريني
الملاحظ أن لكل ركن من أركان الإسلام صوتاً وحركة، فالصلاة فعل مشاهد يراه الجميع، وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على أدائها في المساجد، فالمساجد تُقام ويُعيَّن لها مؤذن وإمام وعامل نظافة وتُبذل الأموال لصيانتها، لأجل تسهيل أداء الركن الثاني من أركان الإسلام.
وكذلك يهل شهر الصوم وله طقوسه المرئية، حيث يشترك في صيامه جميع المسلمين في زمن واحد، ويلتزمون بشروطه وواجباته ويفرحون بالصيام والفطر، ويحزنون حين يغادرهم هذا الشهر الكريم.
ويحل موسم الحج فيجتمع الحجاج في بقعة واحدة ويتركون أوطانهم وأسرهم ويرتدون لباساً موحّداً طاعة لربهم وتوحيداً. بينما ركن الزكاة ليس له موسم مقيد على الرغم من تحديد وقته بمرور عام على تملّك المال بالغ النصاب أو عروض التجارة، وهو ركن صامت لا يتحدث الناس عنه، فلا أحد يفصح عن مقدار زكاته ولا متى أخرجها ولا لمن أعطاها.. وأقصد بذلك الزكاة، وليست الصدقة النافلة التي يحسن عدم الإفصاح عنها!
ولعظم أمر الزكاة فقد ربطها الله تعالى بالصلاة أعظم أركان الإسلام، في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}. ورغم أن الزكاة هي دفع مال وخسارته، إلا أن معناها النماء والبركة والزيادة والتطهير والتقويم، حيث تقوّم أخلاق المزكي وتطهره من سطوة المال وإغرائه المسيطر على النفوس وتنْأى به عن البخل والشح، فضلاً عن أنها تطهر المال وتنقيه مما علق به من بعض التجاوزات، حيث لا يخلو أمر دخوله من تهاون في تحصيله في بيع أو شراء أو عمل ينقصه الإتقان أو الكسل!
والعجيب هو الإعراض عن تداول الحديث عن هذا الركن العظيم، في وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي وحتى في خطب الجمعة، لاسيما أن هناك من يهمله أو يماطل فيه أو يبحث عن السبل التي تخرجه من الالتزام بدفع الزكاة مثل استخدام المبلغ الذي حل وقته بشراء أرض أو سيارة قبل حلول وقت الزكاة بقليل أو قبل مرور عام على تملّك المال. وهذه السبل من الاحتيالات تسببت في وجود فجوة بين الأغنياء القادرين والفقراء المستحقين، مما يمنعهم من حقهم الذي فرضه الله لهم ليرفع من المستوى الاقتصادي للفقراء، وبفعلهم هذا يتعطّل ذلك الركن العظيم الذي يرمز للتكافل الاجتماعي.