هويدا المرشود
الشاشات لم تعد أدوات فقط؛ بل أصبحت مقياسًا للذات. الهواتف والحواسيب تصنع نسخًا رقمية من كل شخص، تُعرض على الآخرين ويُقاس تفاعلهم معها. هذه النسخ غالبًا محسّنة، تظهر الأفضل وتخفي العيوب، ما يولد شعورًا متزايدًا بالفراغ النفسي، إذ لا يغني التفاعل الرقمي عن التواصل الواقعي.
الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بارتفاع مستويات القلق والاكتئاب، ويؤثر على تصور الفرد عن ذاته. رغم فوائد الرقمية في التعلم والتواصل، فإن الضغط الناتج عن المظهر الرقمي ورضا الآخرين قد يضعف الحرية الفردية ويحوّل التفاعل إلى معيار لتقييم الذات.
التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على التمييز بين ما يُعرض وما يُخفي، والحفاظ على الجوهر الإنساني بعيدًا عن النسخ الرقمية. من ينجح في هذا، يثبت أنه قادر على الصمود أمام ضغط العصر الرقمي، ويعيد تعريف ذاته بعيدًا عن مؤشرات الإعجاب والمتابعة.
في النهاية، يبقى السؤال الأكثر صراحة: بعد كل هذه الشاشات، من نكون حقًا؟.