د. علي القحيص
الأمير الحسن بن طلال ولد في الأردن عام 1947م، وهو الابن الأصغر للملك طلال من زوجته زين الشرف اللذين أنجبا أربعة أبناء، تلقى تعليمه الابتدائي في عمان، ثم واصل تعليمه إلى أن حصل على درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الدراسات الشرقية، ثم بعد ذلك الماجستير.
تولى شقيقه الأكبر الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية بعد أن تنازل والده عن الحكم واختار الأمير الحسن ولياً للعهد في إبريل 1965، وظل يقوم بدور ولي العهد والمستشار السياسي بصفته أقرب السياسيين للملك، فضلاً عن القيام بدور نائب الملك أثناء فترة غياب الملك الراحل، واستمر متقلداً مهامه حتى تاريخ 25 يناير 1999، ولم يعترض على عزلة المفاجئ أو يصرح بذلك سلباً، بل انحاز إلى أولوية الوطن ومستقبله، وفضل المصلحة العامة على الخاصة.
مثَّل الأمير الحسن الملك عبد الله الثاني الحالي في أكثر من مناسبة محلية ودولية، حيث ترأس الوفد الأردني إلى قمة دول عدم الانحياز في طهران في عام 2012، كما حمل رسائل من الملك عبد الله إلى عدد من قادة الدول، إلى غير ذلك من المهمات الرسمية.
يؤمن الأمير الحسن بتكاملية الأدوار بشفافية، وتحديد الأولويات بالكفاءات، وبوجوب توافر قاعدة معرفية وثقافية قوية رغم أنه عسكري ويحمل رتبة عالية، تُبنى بطرحه الأولويات الوطنية حيث يرى أن المسؤولية جماعية، كما يعد من المفكرين الفلاسفة العرب والاقتصاديين المتميزين القلائل في الوطن العربي، وله حضور واضح ومؤثر بالندوات والمؤتمرات الفكرية والاقتصادية العالمية والإقليمية ويتحدث أكثر من لغة، وله بعض من المؤلفات التي تتحدث عن الصراع (العربي - الإسرائيلي) والقضية الفلسطينية والعديد من اللقاءات والمقابلات الصحفية.
في عام 1968 تزوج الأمير الحسن من ثروت محمد إكرام الله (باكستانية). ورزق منها: (الأميرة رحمة، الأميرة سمية، الأميرة بديعة، الأمير راشد.
للأمير الحسن أخوان وأخت واحدة وهم: الملك الحسين ملك الأردن الراحل والأمير محمد والأميرة بسمة. يُذكر أنّه يمارس عدداً من الرياضات والهوايات، وهو أيضاً طيار مروحيات محترف، كما حصل على عدد كبير من الأوسمة والشهادات الفخرية والجوائز وتقلد العديد من المناصب أبرزها: تعيينه سفيراً للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو). كما مُنح جائزة نيوانو للسلام وجائزة أبراهام غايغر للسلام وجائزة كالاغاري للسلام وغيرها.
يعد الأمير الحسن بن طلال من المفكرين المثقفين البارعين العرب بامتياز وتمكن، وهو حصيف التحدث ولبق الأسلوب، وشجاع في طرحه الواضح بدون مواربة في رؤيته الثاقبة الصريحة، وحين يتحدث يستخدم مصطلحات ربما لم تكن متداولة أو يستخدمها المسؤولون العرب.
وكثيراً ما يلتقى مع الاكاديميين وطلبة الجامعات ويتحدث معهم بحرية تامة مطلقة بدون تحفظ.
وكثير من الإعلاميين يتجنبون إجراء مقابلات معه، لأن إذا ما كان المحاور مثقف، يلغي وجوده، وربما يتحدث مع الصحفي بمفردات لا يفهمها!
آخر لقاءاته مع الطلبة الجامعيين ومحاورته لهم في الأردن، حذَّر من مستقبل أسوأ تمر به المنطقة العربية الرهينة بالقرارات الدولية المجحفة، وما تشهده من صراعات طائفية ومذهبية وخلافات عرقية وإثنية، ودائماً ما يذكر مفردة (الفسيفساء) ويقصد بها تشرذم الأمة وتراجعها! استغلها الأعداء، لعدم تضامن العرب واتفاقهم، وعدم وجود مشروع عربي استراتيجي يحمي أوطاننا من الأطماع والضياع، يوازي ويتصدى لمشروع (نتنياهو) التوسعي الهمجي، الذي وصفه بالبطش والدمار والحروب المستمرة بدون توقف أو هوادة ولا أحد يستطيع أن يوقف هذا الهيجان.
وحين سأله أحد الطلبة وقال له (يا طويل العمر) ماذا تتوقع للمستقبل؟، قال: كما أسلفت ووضحت وأرجوكم لا تدعوا لي «بطول العمر رجاء».. لأني (قرفت)، وأنا محبط ويائس لأننا فشلنا في كل شيء للأسف! وأصبحنا مشاريع للآخرين!
لأننا حذرنا منذ زمن بعيد، من الخوف والقلق لنصل إلى هذه المرحلة الحرجة، وليتنا نتوقف عن هذا الحد، بل القادم أسوأ!
ولذلك استُبعد الأمير الحسن من مناصب دولية وعربية عديدة، لأنه يقول الحقيقة المرة بلا تردد، ويكشف الحقائق بلا تحفظ، ويبين الخلل بلا خوف أو مجاملة، ولا يسكت أو يجامل على حساب مصير الأمة، فهو مفكر ضليع في الشأن العربي، ولذلك هو يسبر الأغوار ويستشعر الأخطار ويحذر منها، ويشير إلى أن هناك غيوماً ملبدة بالسماء والظلام الدامس الذي يداهمنا، ولذلك ينبه ويحذر منها مسبقاً، قبل أن تحل بنا العواصف والصواعق والزلازل التي حلت بأمة العرب اليوم؟!.