د. سطام بن عبدالله آل سعد
دوري روشن هذا الموسم هو دوري المدربين والمدارس الكروية العالمية؛ فالفرنسية مع بلان، والإيطالية مع إنزاغي، والبرتغالية مع جيسوس، والألمانية مع يايسله، والإسبانية مع ألغواسيل وغيرهم، في مشهد ثري يفتح الطريق أمام صناعة مدرسة كروية خاصة بنا تُكتب في سجلات كرة القدم العالمية، بدلاً من الاكتفاء باستيراد المدارس الجاهزة.
لقد أثبت التاريخ أن المدارس الكبرى لم تُصنع في لحظة عابرة؛ فالمدرسة البرازيلية نشأت من فلسفة (المتعة والمهارة) المتوارثة جيلاً بعد جيل، والمدرسة الإيطالية بُنيت على تكتيك الدفاع والهجمات المرتدة، فيما صاغ الألمان هويتهم على الانضباط البدني والروح القتالية، وابتكر الهولنديون (الكرة الشاملة)، بينما رسخ الإسبان (التيكي تاكا) حتى غدت ماركة مسجّلة.
واليوم نحن أمام فرصة تاريخية غير مسبوقة؛ فتنوع المدارس التدريبية داخل دوري واحد، ووجود جماهير مشحونة بالعاطفة، وموارد استثمارية ضخمة، كلها مقومات تمكّننا من صياغة فلسفة كروية تحمل هويتنا وتُميزنا عن الآخرين، وتكون إضافة تُثري خريطة كرة القدم العالمية.
هذه المدرسة يمكن أن تولد من رحم الهوية الوطنية، عبر حماس هجومي يعكس شغف الجماهير، ومرونة تكتيكية تستوعب النجوم العالميين وتذيبهم في منظومة واحدة، وانضباط بدني وفني قادر على مجاراة المدارس الأوروبية، إلى جانب مشروع طويل الأمد لتصنيع المواهب يربط الأكاديميات بالمنتخبات الوطنية ويؤسس لقاعدة صلبة للمستقبل.
ولا يمكن أن تتحقق هذه الصياغة إلا من خلال رؤية رياضية إستراتيجية، تُبنى على أسس علمية واضحة، وتستفيد من خبرات المدربين العالميين بوصفهم ناقلين للخبرة، مع تمكين المدربين الوطنيين، الذين سيكون دورهم أشد عمقاً في ربط الفلسفة بهويتنا وثقافتنا الكروية المحلية.
إن هذه الفلسفة عبارة مشروع وطني متكامل يبدأ من الفئات السنية، ويُترجم بواسطة التراكم التدريبي، ليُصاغ في النهاية نموذج مميز يُدرَّس ويُحتذى به.
فإذا واصلنا في استيراد الهوية سنبقى محطة عبور للمدربين واللاعبين، أما إذا استفدنا من هذه اللحظة التاريخية، فسوف نصوغ مدرستنا الكروية الخاصة، مدرسة تُسجَّل باسمنا وتُحقق الإنجازات، لتقف جنبًا إلى جنب مع البرازيلية والإيطالية والألمانية والإسبانية في كتب التاريخ الكروي.