م. بدر بن ناصر الحمدان
نهج الترميم السياقي هو أسلوب قديم في مراحل نشأة وتطور المدن، وظهر كمبدأ في تشريعات العمران وجزء من الحفاظ على الأعيان والأصول التي كانت تمثل رمزية دينية بالدرجة الأولى أو سياسية أو مجتمعية، إذ كانت المدن تمنح هذه المباني أو المواقع شأنا خاصا عند بناء أو تطوير أو صيانة الجزء المؤدي أو المتاخم له بهدف تعزيز قيمته وحمايته وكانت المباني الدينية تحديدا أحد أكثر الأماكن التي حظيت بهذا الاهتمام.
في الوقت المعاصر، جاءت توصية اليونسكو حول المشهد الحضري التاريخي عام 2011، لتحفز المختصين وذوي العلاقة بالتركيز على هذا المفهوم بشكل أدق بهدف تناوله كمنظور يأخذ في الاعتبار جميع الأبعاد التي تتضمنها عملية تخطيط وتطوير المدن، وتقديمه كنهج للترميم السياقي كأسلوب في الحفاظ يأخذ بعين الاعتبار البيئة المحيطة (المباني المجاورة، الشوارع، الفضاءات العامة، المرافق، المشهد الحضري).
ويركّز على إعادة تأهيل المبنى ضمن بيئته الحضرية المحيطة كجزء من نسيج متكامل بهدف أن يظهر المبنى المرمَّم منسجمًا مع ماحوله، أي الحفاظ على العلاقة بين المبنى ومحيطه من خلال مبدأ احترام السياق المكاني والتاريخي والثقافي للمواقع الحضرية التاريخية.
يمكن التعبير عن هذا المفهوم المكاني الشامل ضمن مفاهيم ذات صلة مثل الترميم الحضري ،الاستدامة السياقية، إعادة التأهيل التكاملي، وعادة مايبرز بشكل رئيس على مستوى تخطيط أواسط المدن أو الأحياء والمجاورات السكنية، وكذلك على مستوى المجموعات السكنية، وبدأ يظهر في الآونة الأخير ضمن سياسات استخدامات الأراضي في مرحلة إعداد المخطط العام للمدينة أو الحيز المكاني المعني بهدف وضع الضوابط التنموية وأنظمة البناء التي من شأنها حماية النسيج العمراني والثقافي للأصول ذات القيمة ودمجها ضمن تركيبة الوظائف الحضرية.