بدر الروقي
جاء في كتاب «الكامل» للمبرد أنَّ الفزعَ في كلام العرب يأتي على وجهين: أحدهما ما تستعمله العامة تريد به (الذعر) وهو الخوف، والآخر على أنه (الاستنجاد والاستصراخ)، ثمَّ دلّل على الأخير بقول سلامة بن جندل حينما قال في ذلك:
كُنّـا إذا ما أتانا صارخٌ فزعٌ
كان الصراخ له قرع الظنابيبُ
وشرحُ ذلك: أنه إذا أتانا مستغيثٌ يطلب العون، كانت إغاثته الجد في نصرته.
«والفزعة» بمفهومها المجتمعي الواسع تكون بمعنى: المساعدة والعون عند الحاجة والطلب على وجه السرعة.
وهي كلمة تجسد المعنى الحقيقي للتعاضد، وتوضح القيمة -الأسمى- للتكاتف بين أفراد المجتمع.
وإذا ما أردنا معرفة كلمة «الفزعة» كمشهد حيٍّ، وواقع ملموس، فيكفينا عن التعبير مشهد البطل السعودي -ماهر الدلبحي- وما قام به من عمل بطولي قرع فيها ظنابيبه في ملحمة محطة الجمش ؛ لينقذ الموقف العصيب، واللهب الذي كاد يفتك بالأرواح والممتلكات لولا -ستر الله- ثم شهامة ماهر، وهذا يعكس معنى «الفزعة» عند كل سعودي حر.
وما أصدق القائل :»الأوطان لا تبنى إلا بالتضحيات والأفراد لا يسمون إلا بالتضحية!»
هذا الموقف السامي والتضحية المتناهية يعيدنا إلى ما قاله سيدي ولي العهد -حفظه الله- في أحد لقاءاته الإعلامية سابقا حينما قال: «الخوف ليس له وجود في قاموس السعوديين» والخوف الذي يرمي له ويشير إليه - أميرنا - وذلك إن دل فإنما يدل على استشعار القائد بشعبه، وإحساس المسؤول بأبنائه.
هو الخوف المرتبط بالمستقبل المعيشي، أو الاحتياج الإنساني، فهذا النوع من الخوف لا يعرفه السعوديون ؛ لإيمانهم بالله أولا ثم لثقتهم التامة بدور دولتهم في تذليل كل ما من شأنه رفعة وكرامة مواطنيها، وفي ظل قيادة لا تصنع لهم فرص الغد فحسب، بل تطوع لأجلهم كل مستحيل.
وكذلك (عدم الخوف) من عواقب سرعة اتخاذ القرارات عند المواطن السعودي والتي من شأنها تسعى لبناء القيم، وتعزيز فرص البذل وترسيخ المفهوم العام للمواطنة الصالحة والمبادئ التي يتوارثها الجيل بعد الجيل ؛ لمعرفتهم بمردودها الإنساني النبيل.
فكيف يخافون إذاً؟
وهم يدركون أن خلفهم دولة تقدّر دور أبنائها، وتثمن تضحياتهم، وتشكر مبادراتهم.
ماهر الدلبحي أحد تلك النماذج المشرفة والتي حظيت واستحقت نيل شرف -وسام- الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى كتكريم يؤكد معاني الوفاء بين الشعب وحكومته، ويثبت بما لا يدع مجالا للشك كم هي مكانة المواطن في قلب قيادته.