أوس أبو عطا
في مخالفة صريحة لاتفاقية مقر الأمم المتحدة لعام 1947، والتي تنص على ضمان دخول ممثلي الدول الأعضاء إلى الولايات المتحدة بغض النظر عن طبيعة العلاقات السياسية معها. أعلنت الخارجية الأمريكية، أنها لن تمنح تأشيرات دخول لمسؤولين فلسطينيين كبار، بينهم الرئيس محمود عباس، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في نيويورك الشهر المقبل.
وعليهِ، يجب مطالبة دول العالم بنقل جلسة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، إلى بلد آخر، لضمان مشاركة الوفد الفلسطيني الكاملة، كما حصل في العام 1988 حين ألقى ياسر عرفات رحمه الله خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي نقلت جلستها من نيويورك إلى جنيف. التاريخ يكرر نفسه مع الفلسطينيين.
الغطاء الأميركي لإسرائيل لا يتغير بتغير الإدارات الحاكمة، أو بتواجد مرشح الحزب الديمقراطي أو الجمهوري في سدة الحكم. المجازر والمذابح الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني البريء، تجري على مرأى ومسمع من العالم كله.
وفي ذات الفكرة، نلاحظ أن أقوال وأفعال وتصرفات وتصريحات القادة الإسرائيليين الهمجية والمتطرفة، والتي ترفض علانية حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وحقهم في الوجود وتعمل بشكل حثيث على قتلهم و تشريدهم وتجويعهم و تهجيرهم من أرضهم جهارا نهارا، وحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية عن « إسرائيل الكبرى». لا تجد موقفا أمريكيا حازما لردعها.
ولو عدنا بالذاكرة للوراء قليلا، أذكر أن الكثير من الصحفيين والناشطين أطلقوا على الرئيس الأميركي السابق لقب «جو الإبادة الجماعية». ليس هذا وحسب، بل أن الاضطهاد الأميركي السياسي والدبلوماسي الكامل لحق الفلسطينيين، وصل لمستويات مرتفعة باستخدام الفيتو ضد حصولهم على دولة كاملة العضوية في مجلس الأمن.
وفي المقابل، هناك الخطاب الفلسطيني المعتدل والموضوعي من السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. وخير آية على ذلك مطالبة الرئيس الفلسطيني العالم بالاعتراف بدولة فلسطين أسوة باعتراف العالم بدولة إسرائيل في المؤتمر العالمي للاقتصاد في الرياض، وأن الفلسطينيين ليسوا ضد أمن إسرائيل ومن واجبنا كدولتين متجاورتين أن نضمن أمن بعضنا البعض.
غني عن القول، أن التوجه العالمي يزداد يوما تلو يوم، للاعتراف بدولة فلسطين، حيث أطلقت 15 دولة غربية بينها فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والبرتغال، نداء جماعيا للاعتراف بدولة فلسطين، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
الولايات المتحدة الأمريكية، تعلم مسبقا مدى الاهتمام والحرص السعوديين على حصول الفلسطينيين على حقوقهم كاملة غير منقوصة، فهو أمر ثابت بالنسبة إلى القيادة السعودية ولا جدال فيه.
يأتي ذلك فيما يتصاعد الحراك الدبلوماسي السعودي لحشد أكبر كم ممكن من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، وكان أحدثها زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لألمانيا ثم لإيطاليا، حيث اجتمع مع نظيريه وزيري خارجية ألمانيا وإيطاليا، لبحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها التطورات بقطاع غزة.
ومن أصل 193 دولة عضوا في المنظمة الدولية، تعترف 149 دولة على الأقل حاليا بدولة فلسطين التي أعلنتها القيادة الفلسطينية في المنفى عام 1988.
سيذكر التاريخ استخدام الولايات المتحدة لحق النقض لمحاربة الحق الفلسطيني المشروع، وسيذكر أيضا، منعهم الوفد الفلسطيني لحضور اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، في ظل دعم سعودي دبلوماسي متوازن. وسيأتي يوما تعتذر فيه القيادة الأميركية عن هكذا تصرف معيب، بعدما بات نقطة سوداء في تاريخها المتسربل سرابا ووهما بالديمقراطية وحق الشّعوب بتقرير المصير.