عبدالله إبراهيم الكعيد
انطلق الأسبوع المنصرم قطار العام الدراسي الجديد 1447، 2025- 2026 وبالرغم من هذا تخلّف (بعض) التلاميذ عن الركوب في رحلته الأولى لهذا العام.
تمنيت أن يكون أولئك (البعض) قلّة لكن إحساسي يقول غير ذلك.
مشهد واحد قد يوضح ما أعنيه. في حديقة الحي حيث أمارس رياضة المشي كل صباح رأيتُ العديد من العوائل مع أطفالهم قد اتخذوا متكآتهم بين افنانها ويبدو بأنهم قد واصلوا الليل بالنهار وكأنهم لا زالوا في منتصف العطلة الصيفية.
كانت الحافلات الصفراء المخصصة لنقل الطالبات والطلاب تمرق بين آونة وأخرى أمام أنظار الصغار الذين يفترض بهم أن يكونوا ضمن الركب، ولكن النمط الفوضوي لدى أهاليهم سيطر وبالتالي أزاح الانضباطي.
إن من يتغيب عن الحضور للمدرسة في اليوم الأول من بدء الدراسة من البديهي بأنه سيستمرئ الغياب بعد كل إجازة، ومع كل فرصة تسنح له وهنا يبدأ انفراط منظومة الانضباط بدءاً من الاستهتار بالوقت وليس انتهاءً بالتخاذل عن أداء المسؤوليات الوظيفية والمجتمعيّة.
حسناً، دعونا نسأل: متى وأين من المفترض غرس مفهوم الانضباط لدى الفرد؟
نظرياً يمكن القول ببساطة إن المدرسة هي المكان الطبيعي والأنسب لهكذا حكاية، ولكن هل بالفعل قامت المدرسة بأداء هذه المهمّة كما ينبغي وهل بيئة المدرسة لدينا بيئة مُنضبطة يتم فيها إدماج النشء في منظومة الانضباط العام دون بحث أو تقصّ؟ يكفي إلقاء نظرة سريعة على كيفية تزاحم التلاميذ في الدخول والخروج أو عند المقصف أثناء (الفسحة) وهذا دليل واضح على غياب معنى الانضباط.
ثم تعالوا ننظر للحكاية من زاوية أخرى.
ما مدى تأثير السهر الطويل وقلّة النوم على الصغار؟ يؤكد أطباء اضطرابات النوم أن أكثر من ترتبك ساعاتهم البيولوجية هم فئة الأطفال الذين سايروا الكبار في السهر طوال الليل ثم النوم في النهار، وفجأة ودون تهيئة أُمِروا بالذهاب الى المدرسة، ولأن سلطان النوم لابد غالب تراهم في ترنّحٍ وذبول مُحزن.
لا علاج لهذا العَرَضْ سوى غرس مهارة ومفاهيم الانضباط الذاتي منذ الصغر وتعويد النشء على كيفية السيطرة على الذات وبهذا يمكن ضبط أمور المجتمع وانضباطه.
صفوة القول
أعطني تلامذة يُشمّرون عن سواعدهم بتشجيع ودعم من أهاليهم، يهرعون لمدارسهم في الدقائق الأولى من اليوم الأول في عامهم الدراسي الجديد ويمارسون انضباطا في سلوكهم العام أُعطيك شعباً جاداً مُنتجاً يضبط ساعته البيولوجية كضبط عقارب ساعة البج بن.