إيمان حمود الشمري
وادي حنيفة.. ذلك الوادي الذي يبعُد عن بيتي نحو ست دقائق بالسيارة، يُعد متنفسي ومأواي بعيداً عن ضجيج الناس وزحام السيارات، أكثر من مقالة خرجت منه، كتبتها وأنا أستجم به في أوقات الشتاء وأزوره بالصيف كنوع من الاشتياق والاطمئنان والوفاء، ألتقط الصور وأنشر وأكتب عنه وأتابع مسيرة تطوره وأدعمها بوسائل التواصل، ما كنت أعتقد أنه سيخذلني بلحظة!
قبل أربعة أيام بالضبط كنت هناك بمفردي في الساعة الخامسة والنصف عصراً، وأثناء انشغالي بالتصوير لمحت من بعيد تجمع كلاب ضالة، ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي أشاهدها بها ولكنني لم أكن اكترث لها لأنني بطبعي لا أخشى الكلاب -أجلكم الله- ولا أتعمد الاقتراب منها في ذات الوقت..
فوجئت بمداهمة ما يقارب سبعة كلاب لي أثناء جلوسي بالوادي دون أي سبب، حيث إنني لم اتعمد حتى استفزازها أو حتى الاقتراب منها، في البداية لم أكن أعتقد أنها تقصدني وبقيت ثابتا في مكاني أتابع وجهتها، ولكن عندما اقتربت مني أكثر وأحسست بنوع من الخطر استدرت فوراً وأنا أركض باتجاه سيارتي التي تقف على الرصيف بعيداً عن مكاني، كنت أركض وأنا ألهث، وحتى هذا الوقت لا أعرف العدد الذي كان يطاردني وقتها، لأنني تعمدت ألا ألتفت حتى لا أفقد تركيزي، كان موقفاً مرعباً، ولم يكن وقتها يوجد أي أحد بالقرب مني سوى عائلة تجلس بعيداً ولا أعرف إن كانت انتبهت للموقف والخطر الذي كان يحدق بي أم لا؟!
استطعت بفضل من الله النفاذ منها بمجرد الاقتراب من الشارع لأنها بدأت بالتراجع لسبب أجهله، وركبت سيارتي فوراً وأنا ألهث ومليون سؤال يدور في رأسي، ماذا لو تعثرت بحجر أثناء الركض؟ ماذا لو كان الضحية طفل، أو رجل مسن لا يستطيع الركض؟ ماذا لو سقط مريض سكر وتعرض لهذا الهجوم؟ حتى لو استطاع ان ينفذ منها قد يتعرض لجروح يخسر على إثرها أحد قدميه، هل يجب أن تحدث كارثة ليتم الالتفات لقضية الكلاب الضالة المسعورة في وادي حنيفة التي تحرمنا من الجلوس بهدوء وطمأنينة، هل يرضيكم أن يتعرض الضحية لقروح بليغة وتشوهات ليأتي الطبيب ويسأله متى يناسبك أن نبتر قدمك صباحاً أم مساءً؟.
أنا لم أكن في مكان مهجور ولا بصحراء قاحلة وإنما بوادي مجهز ومخصص للمشي والرياضة بدعم من الدولة التي تنفق عليه لهذا السبب، كيف يكون هذا المكان غير آمن؟ وإلى متى وشكوى الكلاب الضالة في صراع بين حقوق الحيوان وحقوق الإنسان؟ أيهما أولى وأحق بالمحافظة على حياته؟
نريد حلاً جذرياً لهذه الكارثة التي تتربص بنا في وادي حنيفة، ومن يحاول الدفاع بحجة حقوق الحيوان أتمنى ان يقدم حلاً جذرياً بدلاً من التعاطف السلبي، لأن موقفه سيختلف كلياً لو كانت الضحية شخص يعنيه.
وادي حنيفة يعد مكاناً للتنزه والرياضة والاستجمام، يحتاج لوقفة جادة وحملة للتخلص من الكلاب المسعورة الضالة لإبعاد الخطر عنه، إما بالترحيل للدول التي تأكل طعام الكلاب، أو بحلول أخرى ومقترحات تقدمها جمعيات حقوق الحيوان التي تعني بهذا الشأن.