ناصر زيدان التميمي
قبل سنوات قليلة، كان الحديث عن الاقتصاد الرقمي في السعودية مجرد أفكار لم تتبلور بعد. كانت المعاملات الورقية هي القاعدة، والخدمات الحكومية تتطلب زيارات متكررة، والشركات الناشئة في مجال التقنية كانت قليلة ومحدودة.
لكن بعد أن أطلقت المملكة رؤيتها الطموحة 2030، تغيرت كل القواعد. لم تكن الرؤية مجرد خطة اقتصادية، بل كانت دعوة إلى تغيير شامل، دعوة لوضع مستقبل المملكة على أسس جديدة قوامها الابتكار والتكنولوجيا. وكان الاقتصاد الرقمي هو البطل الخفي في هذه القصة، المحرك الذي يغذي كل جزء في هذا التحول الكبير.
تخيل معي، كيف تحولت المعاملات الحكومية التي كانت تستهلك أيامًا من الانتظار، لتصبح نقرات سريعة على منصات مثل «أبشر». كيف أصبح بإمكان الشباب والشابات إنشاء مشاريعهم التقنية الصغيرة، وتوسيعها لتصل إلى آفاق واسعة بفضل بيئة ريادة الأعمال الجديدة التي تدعمها الرؤية. إنها رحلة من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على العقول، ومن المعاملات التقليدية إلى المنصات الذكية.
أصبحنا نرى اليوم شركات سعودية ناشئة تُطلق تطبيقات مبتكرة، وخدمات مالية رقمية تُسهل حياة الناس، واستثمارات عالمية تتدفق إلى المملكة بفضل بنيتها التحتية الرقمية المتطورة.
لقد أدركت القيادة أن بناء اقتصاد مستدام ليس مجرد بناء مصانع، بل هو بناء منصات، وتطوير برمجيات، والاستثمار في رأس المال البشري الذي يُعدّ أغلى مورد.
في جوهر هذا السرد، يكمن الإيمان بأن المستقبل ليس شيئًا ننتظره، بل هو شيء نصنعه. ورؤية 2030، مع محركها الرقمي القوي، هي الأداة التي تُمكننا من صناعة هذا المستقبل، جيلًا بعد جيل.
إنها قصة وطن ينهض، لا بقوة موارده الطبيعية فقط، بل بذكاء أبنائه وبناته وقدرتهم على الابتكار.