عبدالله بن عبداللطيف الحميدي
لم يكن تنظيم TEDx للأوقاف في رحاب جامعة المؤسس (الملك عبدالعزيز) طيب الله ثراه مجرد فعالية عابرة، بل محطة فكرية وتنموية مهمة وملهمة تستحق الوقوف عندها ملياً. فقد حملت هذه المبادرة دلالات عميقة تتجاوز حدود قاعة الجامعة إلى فضاء أوسع يربط بين الماضي العريق للوقف ومستقبلٍ واعدٍ تحمله رؤية المملكة 2030.
ما لفت انتباهي الحضور اللافت والفاعل لفئة الشباب مما يؤكد أن الشباب ليسوا جمهوراً مستمعاً فقط، بل شريك أساسي في صناعة مستقبل الأوقاف. هذه النظرة التحويلية تفتح الباب أمام جيل جديد يمتلك الطاقة والقدرة على التجديد، ليأخذ بزمام المبادرة في تطوير الأوقاف من مجرد مشاريع تقليدية إلى منصات تنموية مستدامة.
لقد شكلت الأوقاف تاريخياً رافداً رئيسياً للتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية في الحضارة الإسلامية، لكن التحدي الذي نواجهه اليوم هو: كيف ننقل هذا التراث إلى العصر الرقمي؟ كيف نحوله من مؤسسات راكدة إلى كيانات حيوية تواكب احتياجات المجتمع وتلبي. رغباته وتحقق أهدافه؟
هنا تأتي أهمية هذا الحدث الفارق في تاريخ الأوقاف باعتباره مختبراً للأفكار الجديدة ومجالاً لتجريب مبادرات غير تقليدية مع أهمية اتساقها التام مع الرؤية الشرعية.
من أجمل ما ميز هذا الحدث إدماج التكنولوجيا بالوقف، سواء عبر الروبوت التفاعلي أو العروض الرقمية التي ربطت الماضي بالحاضر.
وفي هذا رسالة قوية أن الوقف يمكن أن يكون منصة إبداعية قادرة على مخاطبة الشباب بلغتهم، لغة التقنية والتجديد، وهذا مما يؤكد أن الوقف فكرة شرعية رائدة مبتكرة متجددة موائمة لكل العصور ورافدة للمبادرات ورافعة للأمم..
إن ما تحقق من تفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي دليل على أن الأوقاف قادرة على أن تكون جزءاً من الحراك الثقافي والفكري المعاصر. فالأرقام التي حصدها اللقاء لم تكن مجرد مشاهدات، بل انعكست في دوائر إلهام ستدفع بلا شك كثيرين للتفكير في مبادرات وقفية جديدة.
وستكون ملهمة بإذن الله لكل من فكر يوما بالوقف أو تردد في اتخاذ القرار، أو سوَّف وأجل،
إن هذه المبادرة يجب ألا تبقى حدثاً سنوياً محدوداً، بل ينبغي تتحول إلى حراك مستمر ينقل الأوقاف من دائرة النخبة إلى فضاء المجتمع كله. نحن بحاجة إلى أن نرى TEDx للأوقاف في الجامعات الأخرى، وفي المراكز المجتمعية، وحتى عبر الفضاء الرقمي
لقد آن الأوان أن ننظر إلى الأوقاف لا باعتبارها إرثاً تاريخيا، بل كأداة مستقبلية لتحقيق التنمية المستدامة. وما TEDx للأوقاف إلا خطوة رائدة في هذا الطريق، جمعت بين التراث وروح العصر، وبين الأصالة والتجديد، لتؤكد أن الأوقاف قادرة على أن تكون أحد أعمدة النهضة الوطنية إذا ما أُحسن توظيفها
وفي الختام: هل يا ترى نستطيع بكوادرنا وطاقاتنا أن نبتكر منصات حية مؤثرة فاعلة خالية من المخالفات الشرعية تصنع الفرق وتنشر الفكر وتحقق الأثر؟
** **
- رئيس مجلس إدارة جمعية دعم الأوقاف