عبدالعزيز صالح الصالح
الكثير منا يرى أن الحياة تسير إلى الأمام بدون عوائق ولا بدون حواجز، بل يشعر المرء أن خطواته في هذه الحياة تسير دائماً بيسر وسهولة، لا يعكرها أي شائبة فالحياة بطبيعتها لا تخلو من الخلاف، والشقاق، والنزاع والسعادة، والابتسامة، والعبوس، والغنى، والفقر، والصحة، والمرض فالحياة بشكل عام خليط من الخير والشر، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (ليس الفطن من عرف الخير من الشر وإنما الفطن من عرف خير الشرين).
لقد عرف الإنسان الخلاف منذ أزمنة قديمة، ولا زالت هذه الظاهرة ملازمة لوجوده، ولقد ارتبط مفهوم الخلاف بشكل عام بين الأفراد والجماعات نتيجة لعدم التوافق في الأهداف، أو القيم، أو المصالح، أو الطموحات، فقد تعدد الخلاف - خلاف ذاتي نتيجة وجود تناقضات واختلافات معينة داخل شخصية ونفسية للفرد. وخلاف أفراد نتيجة أسباب عدة من أهمها الخلاف على الأهداف، والسلطة، والموارد المالية، وغيرها.
خلاف بين الجماعات فهو مرتبط بشكل كبير في جماعات متعددة، وما يحصل بينهما من خلافات حول أهداف أو سلوكيات، أو مصالح. ومن الطبيعي أن يترتب على هذا الخلاف اختلافات وتناقضات وتعارضات في كافة المصالح والأفكار والأهداف بين الأفراد والجماعات وحتى بين الدول.
حيث يتكون الخلاف تارة من ثلاثة أنواع:
1 - خلاف يهدف إلى التشجيع وتنمية الخلاف بالبناء وبالتالي تتحقق المنافسة الشريفة بين كافة الأفراد وذلك لبذل المزيد من الجهد والعطاء وتشجيعهم على تقديم الأفكار الإبداعية والحديثة في تطوير أمورهم الحياتية وحل مشاكلهم المطروحة على الساحة، بالإضافة على تحفيزهم على التعاون والمشاركة بشكل جماعي بما يضمن تحقيق الأهداف دون أي تعارض أو تناقض.
2 - خلاف يهدف إلى حد النزاع السلبي، ويهدف هذا الدور إلى تجنب الخلاف للظهور، أو انتشار النزاع السلبي بين الأفراد والجماعات في أواسط الحياة اليومية وذلك من خلال إيجاد بيئة آمنة، ومناسبة، وسليمة، وفعالة، إلى جانب وضع الأدلة.
3 - خلاف يهدف لحل النزاع السلبي القائم ومن المعروف نشوء خلاف بين هذا وذاك، ولكن من الصعوبة بمكان حل هذا الخلاف بطريقة ميسرة والتفكير أمر مهم في حياة البشرية، فهو يساعد على حل كثير من الخلافات ويجنب الكثير من الأخطار وهو سمة تميز بها الإنسان ومنحه خالق هذا الكون القدرة عليها وخصه بنعمة العقل، إذ يمكن أن يميز بين الخير والشر والصواب والخطأ إذا استخدم الأسلوب السليم في التفكير الابتكاري الصائب فوائده جليلة في النجاح في هذه الحياة، ولا سيما في هذه الحياة العصرية المعقدة التي تتطلب الكثير من المعارف والخبرات والمهارات فإذا نجح الفرد في الوصول إلى أحكام حديثة صائبة النسب شعوراً بالثقة والامتداد بها واحترام ذاته. ومن ناحية أخرى فإن التفكير الابتكاري يفيد في ظل الحياة الديمقراطية التي تتيح للفرد أن يفكر بنفسه ولنفسه.
وختاماً: ومن خلال ما ذكر آنفاً، فإن انتشار ظاهرة الخلاف في المجتمع، يعتبر صفة ملازمة لوجود أفراد المجتمع والمنظمات، ولهذا الأمر يتوافق مع هذه الظاهرة التي تتحلى بتأثيرات إيجابية أو سلبية على المجتمع، ومن هذا المنطلق تبدو فعالية أفراد المجتمع في اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد من انتشار النواحي السلبية لهذه الظاهرة، وتنمية وتشجيع النواحي الإيجابية فيها، بالإضافة إلى الاستعانة بكافة الأفراد، أو بأحدى المداخل المناسبة لحل النزاعات والخلافات التي تارة تحدث بين الفينة تلو الفينة، فالواجب أهمية استخدام الأسلوب العلمي في حل الخلافات السائدة وذلك من أجل تحقيق النتائج الإيجابية على كافة المستويات الشخصية والعملية.