محمد الخيبري
شهدت الأوساط الرياضية السعودية مساء الأحد حدثاً طال انتظاره، تمثل في المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة توثيق بطولات الأندية السعودية. وقد أعلنت اللجنة، التي تشكلت بهدف إنهاء الجدل التاريخي حول عدد بطولات الأندية، عن نتائج عملها بعد دراسة مستفيضة.
ورغم أن اللجنة قدمت ما اعتبرته توثيقاً دقيقاً وموثوقاً، إلا أن النتائج لم تكن مرضية للجميع، بل أثارت عاصفة من ردود الأفعال المتباينة على منصات التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن المؤتمر الصحفي كان يهدف إلى طي صفحة الجدل، إلا أنه فتح فصلاً جديداً من النقاش الحاد بين الجماهير.
فبمجرد إعلان الأرقام الرسمية لعدد بطولات الأندية الكبرى، انقسمت الجماهير إلى فريقين: الأول يرى أن النتائج أنصفت ناديه المفضل وأعادت له حقوقه التاريخية، بينما الفريق الآخر اعتبرها مجحفة وتجاهلت بطولات مهمة في تاريخ ناديه.
تفاعلت الجماهير بشكل كبير مع الهاشتاجات المتعلقة بالموضوع، حيث تصدرت قوائم الترند لساعات طويلة. ففي الوقت الذي احتفل فيه أنصار نادٍ ما بالرقم الجديد الذي أُضيف إلى سجل ناديهم، عبرت جماهير أخرى عن غضبها من خلال نشر صور وفيديوهات لبطولات لم يتم احتسابها.
وتنوعت ردود الأفعال بين السخرية والانتقاد اللاذع، والمطالبة بإعادة النظر في النتائج. وقد أظهرت هذه الردود أن مسألة توثيق البطولات لا تزال قضية حساسة جداً وتمس هوية الأندية وتاريخها في عيون جماهيرها.
وفي النهاية، أثبتت ردود الأفعال العاطفية أن شغف الجماهير بفرقها يتجاوز مجرد الأرقام، وأن التوثيق الرسمي لبطولات الأندية هو أمر أكثر تعقيداً مما يبدو، إذ يلامس العاطفة والانتماء.
وبينما قدمت اللجنة عملها لإرساء قاعدة ثابتة، ستبقى مهمة إقناع الجماهير وتقبلها لتلك النتائج التحدي الأكبر.. وقد تركز الجدل الأكبر حول عدد بطولات الدوري التي حققتها الأندية، باعتبارها البطولة الأهم والأكثر تعبيراً عن قوة الفريق وهيمنته على الساحة المحلية. فبمجرد الكشف عن الأرقام المعتمدة رسمياً، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالنقاش والتحليل، خاصةً بين جماهير الأندية الجماهيرية الأربعة الكبرى: الهلال، والاتحاد، والنصر، والأهلي..
أظهرت النتائج الرسمية أن نادي الهلال يتصدر قائمة الأندية الأكثر تتويجاً بلقب الدوري برصيد 21 لقباً، تلاه الاتحاد بـ14 لقباً، ثم النصر بـ10 ألقاب، فالأهلي بـ9 ألقاب. وقد أثارت هذه الأرقام موجة من ردود الأفعال المتباينة. فجماهير الهلال احتفلت بالنتائج واعتبرتها تأكيداً جديداً «لزعامتهم» على الكرة السعودية، وعلى الجانب الآخر، عبرت جماهير الاتحاد والنصر والأهلي عن استيائها الكبير من هذه الأرقام.
فجماهير النصر، على سبيل المثال، اعتبرت أن الأرقام التي أُعلنت لم تنصف تاريخ ناديهم، خاصة فيما يتعلق بالبطولات التي حققها الفريق في فترة الثمانينيات، مطالبين باحتساب ألقاب أكثر مما تم اعتماده.. كما انتقدت جماهير الأهلي النتائج، مؤكدةً أن هناك بطولات دوري تم تجاهلها أو احتسابها بأسماء أخرى. أما جماهير الاتحاد، فقد أبدت اعتراضها على الفارق الكبير في عدد البطولات مع الهلال، واعتبرت أن بعض بطولاتها التاريخية لم تُحتسب بالشكل الصحيح.
هذا الجدل لم يقتصر على الأندية الأربعة، بل امتد إلى نادي الشباب، الذي كان له موقف حاسم من التوثيق برمته، إذ أعلن عن رفضه للنتائج بشكل كامل، معتبراً أن التاريخ لا يُصوت عليه، وأن الترتيب الجديد أضر بمكانة النادي، خاصة في ترتيب بطولات الدوري.
وفي خضم هذا الجدل، تحولت النقاشات من مجرد التساؤل عن المنهجية المتبعة إلى معركة أرقام وإثباتات تاريخية، حيث نشرت كل جماهير وثائق وصوراً وفيديوهات، في محاولة لإثبات أحقية ناديها في عدد أكبر من البطولات المعتمدة. ورغم أن اللجنة أكدت أن عملها استند إلى معايير دقيقة، إلا أن ردود الأفعال الجماهيرية أثبتت أن قضية توثيق التاريخ الكروي في المملكة هي أعمق من مجرد عملية إحصائية، وأنها مرتبطة بشكل وثيق بهوية وشغف الجماهير.
قشعريرة
أثارت نتائج لجنة توثيق البطولات، التي شكّلها الاتحاد السعودي لكرة القدم، عاصفة من الجدل في الشارع الرياضي، خصوصاً بين أنصار نادي النصر. فبعد أن كانت أرقام البطولات المحلية تزيّن حساب النادي الرسمي بـ«19 بطولة دوري»، جاءت «اللجنة» لتؤكد أن رصيد النادي من بطولات الدوري هو 10 ألقاب فقط، وأن إجمالي بطولاته المحلية لا يتجاوز 22 بطولة..
لم يكن تقرير لجنة التوثيق مجرد إحصائيات عابرة؛ بل كان بمثابة صفعة قوية على وجه ما ظلّت جماهير النصر تؤمن به لسنوات طويلة.. فالرقم 19 لم يكن مجرد عدد، بل كان رمزاً يمثل تاريخاً حافلاً بالانجازات، وهاجساً يمنح الأمل بمستقبل أفضل. ولهذا، لم يكن رد الفعل طبيعياً، بل كان صدمة وغضباً ممزوجاً بمرارة الإحباط.
انقسمت الجماهير النصراوية بين من يرفض نتائج «اللجنة» جملة وتفصيلاً، ويعتبرها مؤامرة مُدبّرة للتقليل من شأن النادي، وبين من يطالب بضرورة التعامل مع الواقع وتقبّل الأرقام الجديدة، والتركيز على بناء فريق قوي يحقق بطولات جديدة. ولكن، بغض النظر عن وجهة النظر، فإن الإشكالية لم تكن في الرقم نفسه، بل في كيفية تعامل المؤسسة الرياضية مع «التاريخ» الذي يعتبر بمثابة هوية الأندية..
تثير هذه الأزمة تساؤلات جوهرية حول أهمية «الأرقام» في عالم كرة القدم.. فهل التاريخ هو مجرد أرقام؟ أم هو مشاعر وذكريات ولحظات لا تُنسى؟ هل تعني الأرقام وحدها كل شيء، أم أن تأثير النادي وجماهيره وإسهاماته في مسيرة الكرة السعودية لها وزنها؟.
لجنة التوثيق قدمت أرقاماً رسمية، ولكنها لم تستطع أن توثق تلك المشاعر التي ارتبطت بالرقم 19 كرقم فرض قسراً على بطولات الدوري السعودي بجميع مسمياته.. فالرقم الذي أزالته اللجنة كان بمثابة حلم كبير لجماهير النصر، وتجريد النادي من هذا الحلم قد يؤثر سلباً على الروح المعنوية، وربما يزيد من حالة الاحتقان في الشارع الرياضي. في النهاية، يبدو أن على الجميع أن يتقبّل حقيقة واحدة الأرقام الرسمية هي مرجع، ولكن التاريخ الحقيقي للأندية لا يُكتب فقط في سجلات الإحصائيات، بل يُحفر في قلوب الجماهير.
والسؤال الآن: هل سيتجاوز النصر وأحباؤه هذه الأزمة، ويبدأون رحلة جديدة لصناعة تاريخ جديد بأرقام لا يُمكن لأحد أن يختلف عليها؟.