فؤاد بن عبدالله الحمد
في كل مرة تفتح فيها تطبيق التواصل المفضل لديك، وتجد نفسك تتصفح لأكثر مما كنت تنوي، تذكّر أن هناك خوارزمية تعمل بصمت، تُعيد ترتيب المحتوى، وتختار لك بعناية ما «يجب» أن تراه، وما «لا حاجة» لأن تراه، إنها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، التي تدير اللعبة الرقمية خلف الكواليس.
هذه الخوارزميات لا تُبنى بعشوائية. بل تُصمَّم خصيصًا لتحليل سلوكك، تفضيلاتك، وحتى توقيت استخدامك، والهدف إبقاؤك أطول وقت ممكن داخل التطبيق. كل تفاعل تقوم به - إعجاب، مشاركة، تعليق - يُخزَّن ويُستخدم لتغذيتك بالمزيد مما تحب... أو مما يُثيرك ويُغريك بالبقاء.
لكن أين المشكلة؟
المشكلة تبدأ حينما يتحول الاستخدام الطبيعي إلى إدمان غير واعٍ، وتتقلص المساحات الفعلية من حياتنا أمام هذه العوالم المصطنعة. أطفالنا – بل وحتى نحن الكبار – نصبح أسرى لمحتوى يُعاد تفصيله لنا باستمرار، يثيرنا، يُغضبنا، يُضحكنا، وأحيانًا يسرق وقتنا ونومنا وتركيزنا.
هل هذه خوارزميات شريرة؟
ليس بالضرورة. إنها أدوات، لكن المشكلة في طريقة توظيفها، وغياب الوعي عند المستخدم، فكما يمكن أن توجهك لمحتوى علمي نافع، يمكن أن تُغرقك في محتوى تافه أو سام، بحسب ما يُرضي غرائز التفاعل والفضول اللحظي.
ما الحل؟
- كن أنت من يتحكم، لا أن تُقاد.
- علم أبناءك أن هذه المنصات مصممة لتأخذ، أكثر مما تعطي.
حدد وقتًا مخصصًا لاستخدام التطبيقات.
- راقب خوارزميات التوصية: عندما ترى شيئًا متكررًا سلبيًا، توقف عن التفاعل معه.
- وجّه أطفالك نحو محتوى تعليمي، ثقافي، أو إيماني رصين.
وأخيرًا، التكنولوجيا لم تُخلق لتقودنا، بل لنقودها، فلنتوقف لحظة ونسأل أنفسنا: من يتحكم بخياري القادم... أنا؟ أم خوارزمية؟
سؤال بسيط، لكنه قد يغير مجرى استخدامك... وحياتك.