محمد العبدالوهاب
رواية أتذكرها، لم تكن الأروع بالنسبة لي وإنما لكونها تمثل بداياتي في عالم القراءة بعيداً عن المواد الدراسية.
شدني عنوانها «دفنا الماضي» بالتنزه بين صفحاتها وعن أحداثها التي كانت تدور باختصار عن عادات وتقاليد المجتمع الماضي قبل أن يتخطاه وعي الحاضر وتعلنها حقائق الواقع.
كان أستاذنا في مادة اللغة العربية ( آنذاك) خصص ذات مرة إحدى حصص المادة بالحوار والسؤال وطلب مني وزملائي بالفصل الحديث عن هوايتنا التي نقضي بها جزءا من وقتنا اليومي مسترسلاً بأن تكون الإجابة فضفاضة جداً، فكل منا أدلى بهواياته والتي من الطبيعي أن تكون متباعدة ومتناقضة عن الآخر كنتاج لحياة كل إنسان تتعدد فيها الاهتمامات والأذواق.
فأجبته بأن أكثر ما يستهويني مشاهدة الأفلام الاجتماعية المثيرة ذات القصص الدرامية التي تشدني بالإثارة من البداية إلى النهاية.
فاقترب مني كثيراً توقعت حينها نتيجةً رد فعل مليء بالغضب والزجر ولكن حصل النقيض تماماً (لربما) كان لتفهمه لسن مراهقتي دور في ذلك ونصحني بأن القراءة فيها متعة وتشويق للمعرفة والاستفادة والتفكير أفضل من مشاهدتها مرئياً بالأفلام والتي عادةً ما تمر مرور الكرام دون أن ترسخ في الأذهان بينما الكتاب سيظل غذاء للفكر على مر الزمان.
كانت كلماته لي مشجعة لاكتساب المعرفة رغم قلة الأمكنة الثقافية التي يمكن لي الاستفادة منها (وقتذاك) من ملتقيات ومقاهٍ وصوالين وأندية فضلاً عن قلة ميزانيتي المالية في اقتناء الكتب على اعتبار أنها محدودة فقط للفسحة الدراسية وبالكاد! بخلاف اليوم الذي تتعدد فيه فرص الاطلاع والحضور والمشاهدة عبر أماكن عدة بعد أن أصبحت مملكتنا المعمورة بالعطاء منارة متعددة الثقافات ووجهة حاضنة للتنمية العقل وتعزيز المدارك والابتكار والإبداع وسعيها الجاد في بناء الإنسان بشخصية واعية ومطلعة على كل الثقافات الأخرى.
بُعد زمني يربط ما بين الماضي والحاضر من الذكريات كان عنوانها
الأبرز (الثقافة) بوصفها شريان حياة ينبض في جسد كل أنسان فمهما تغيرت أحوال المعارف المكتسبة من تكنولوجيا وتقنيات يظل التراث الثقافي غذاء للحاضر نقتبس منه الهوية والقيم والخبرات.
قالوا:
المعلم النصوح تكاد تكون نصيحته تأخذ حكم الحاجة والضرورة، كحاجة المريض للدواء واحتياجه له رغم مرارته.