إعداد - عبدالله عبدالرحمن الخفاجي:
لغة اللون تعبر عن وجدان الأمة
منذ قرون طويلة شكّلت الجوائز الفنية ملامح المشهد التشكيلي العالمي، حيث كانت الصالونات الفنية في باريس منذ القرن السابع عشر محطات فاصلة في إبراز رموز المدارس التشكيلية الكبرى، وأصبحت منصات للانتشار والاعتراف بمكانة الفنانين.
وفي العصر الحديث، برزت جوائز دولية كبرى مثل جائزة تيرنر البريطانية وبينالي فينيسيا الإيطالي، التي تحولت إلى فضاءات حوار عالمي بين الثقافات، وأسهمت في إعادة صياغة مفاهيم الفن المعاصر.
وعلى المستوى العربي، شهدت العقود الأخيرة نهضة واضحة في تنظيم الجوائز والمعارض التشكيلية الكبرى مثل بينالي الشارقة ومعرض القاهرة الدولي للفنون، إضافة إلى الجوائز السعودية والخليجية التي أصبحت ركيزة ضمن إستراتيجيات التنمية الثقافية. وأسهمت هذه المبادرات في تعزيز مكانة الفنان العربي، ومنحه فرصًا أوسع للانتشار والمشاركة في الساحة العالمية.
جائزة ضياء عزيز ضياء...
منصة سعودية للتميز
في هذا الإطار، جاءت جائزة ضياء عزيز ضياء للبورتريه لتكون إضافة نوعية للساحة التشكيلية السعودية، وأحد أهم المنابر المتخصصة في فن البورتريه على مستوى المنطقة. فمنذ انطلاقتها، لم تكن مجرد منافسة، بل مثلت منصة وطنية راقية تجمع الفنانين من مختلف مناطق المملكة، وتفتح أمامهم فضاءات جديدة للتعبير عن الهوية الوطنية برؤى معاصرة.
وبفضل التنظيم المستمر والرعاية المؤسسية، ترسخت الجائزة كحدث سنوي ينتظره الفنانون والمتابعون، حيث جمعت بين تكريم المبدعين المخضرمين وإبراز المواهب الصاعدة. وبعد ثماني نسخ ناجحة، باتت الجائزة تُعرف بأنها الأهم والأكثر استمرارية في المملكة والشرق الأوسط في مجال الفنون التشكيلية، بفضل التزام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة برعاية الفنون البصرية والاحتفاء بالمبدعين السعوديين.
مسيرة الجائزة وأثرها الوطني
المتأمل في مسيرة الجائزة يجد أن الفائزين جاءوا من مختلف مناطق ومدن ومحافظات المملكة، مثل: الرياض، مكة المكرمة، جدة، الباحة، المدينة المنورة، أبها، حائل، القريات، الدمام، القطيف، الخفجي، والقصيم، حيث برزت أسماء لامعة ومعروفة في الوسط التشكيلي إلى جانب مواهب جديدة، مما يؤكد نجاح الجائزة في الوصول إلى الفنانين وبث روح المنافسة والإبداع على مستوى الوطن.
وتواصل الجمعية عبر هذه المبادرة النوعية دورها الفاعل في تنشيط الحراك الثقافي والفني، مساهمةً في إبراز التجارب التشكيلية المميزة، ومكرسةً مكانتها كحاضنة للمواهب، تواكب رؤية السعودية 2030 في جعل الثقافة والفنون أحد أهم محركات التنمية الوطنية.
كما جاءت مواضيع الجائزة لتعزيز قيم الهوية الوطنية وتحفيز الإبداع البصري، حيث تناولت النسخ المختلفة موضوع المرأة السعودية، وبورتريه الشخصيات الوطنية، وبورتريه الحصان العربي، وبورتريه كورونا للتعبير عن دور الفن في الأزمات الإنسانية، إضافةً إلى السعودية الخضراء تفاعلاً مع مبادرة سمو ولي العهد، وبورتريه المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وبورتريه الإبل تماشيًا مع جهود وزارة الثقافة وعام الإبل.
الفائزون عبر النسخ السابقة...
مسيرة من الإبداع
على مدى نسخها المتعاقبة، طرحت الجائزة موضوعات وطنية وثقافية عميقة، وأسفرت عن تتويج كوكبة من الفنانين:
* النسخة الأولى - رسم بورتريه: فاز بها الفنان صالح الشهري من جدة.
* النسخة الثانية - بورتريه الشخصيات الوطنية: فاز بها الفنان فايع الألمعي من أبها.
* النسخة الثالثة - الحصان العربي: الفائزون هم خديجة الربعي وزهرة الهزبر من الرياض، ونادر العتيبي من القصيم.
* النسخة الرابعة - الفن في مواجهة الجائحة: فاز كل من حسين المحمد من القطيف، هنادي محمد من جدة، وأماني الزهراني من الباحة.
* النسخة الخامسة - المرأة السعودية: الفائزون هم ناصر الضبيحي ومحمد الرشيدي من حائل، وليلى الكاف من المدينة المنورة.
* النسخة السادسة - السعودية الخضراء: فاز بها عبدالله الشراري من القريات، عبدالله الرشيد من القصيم، وحسين سعيد الزهراني من مكة المكرمة.
* النسخة السابعة - بورتريه الملك عبدالعزيز: الفائزون هم منصور العتيبي من الرياض، إيلاف السراج من مكة المكرمة، وزهرة المتروك من الدمام.
* النسخة الثامنة - بورتريه الإبل: فاز كل من سعيد سعيد من أبها، جنى تركي قنديل من جدة، وإيمان حمد حسين من الخفجي.
وبذلك وصل عدد الفائزين حتى النسخة الثامنة إلى 20 فنانًا وفنانة من مختلف مناطق المملكة، مما يعكس نجاح الجائزة في الوصول إلى أوسع شريحة من الفنانين وبث روح المنافسة والإبداع على مستوى الوطن.
النسخة التاسعة...
الملك سلمان الإنسان والإنجاز
تأتي النسخة التاسعة هذا العام بعنوان: «الملك سلمان: الإنسان والإنجاز»، وهو موضوع يتجاوز حدود الفن التشكيلي إلى عمق الوجدان الوطني، حيث يدعو الفنانين إلى تجسيد شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - بريشة تحمل الحب والولاء، وبألوان تنطق بإنجازات قائد استثنائي جمع بين الحكمة والرؤية والإنسانية.
جوائز مالية استثنائية
أعلنت اللجنة المنظمة عن جوائز مالية استثنائية لهذه النسخة، حيث تبلغ قيمة الجائزة الأولى 50.000 ريال، والثانية 30.000 ريال، والثالثة 20.000 ريال، إضافة إلى سبع جوائز تحفيزية بقيمة 10.000 ريال لكل منها، ليصل مجموع جوائز النسخة التاسعة إلى 170.000 ريال.
وفي تصريح خاص، عبّر الفنان ضياء عزيز عن شكره لصحيفة الجزيرة على تميزها الإعلامي، وامتدح دور جمعية الثقافة والفنون وليان الثقافية وعبق الثقافة في التنظيم والرعاية، مؤكدًا أن الجائزة حققت أهدافها منذ انطلاقتها، وأن النسخة التاسعة تتطلب من الفنانين بذل جهد استثنائي لإبراز سماتهم الفنية في بورتريه يعكس شخصية الملك سلمان وقيمته كقائد للأمة.
من جانبه، أكد مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة، الأستاذ محمد آل صبيح، أن النسخة التاسعة استثنائية بكل تفاصيلها، داعيًا الفنانين إلى التعبير عن مشاعر الأمة تجاه قائدها بصدق وإبداع. كما وجه شكره إلى ليان الثقافية ممثلةً في الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، وعبق الثقافة ممثلةً بالأستاذ عبدالله بن محمد بشير السد، على دعمهما المستمر للحراك الفني والثقافي، معتبرًا أن هذا الدور ينبع من إيمانهم بأهمية رعاية الفنون كعنوان حضاري بارز.
دعوة مفتوحة للفنانين...
الريشة صوت الوطن
تدعو اللجنة المنظمة جميع الفنانين - من المحترفين والمواهب الصاعدة - إلى المشاركة بشغف وحب في هذه النسخة الاستثنائية، وجعل ريشاتهم صوتًا للأمة، وألوانهم مرآة تعكس مشاعر الفخر والاعتزاز. فالبورتريه هذه المرة لا يرسم ملامح وجه فحسب، بل يرسم قصة قائد، وحكاية وطن، وهوية أمة.
المشاركة في هذه النسخة ليست مجرد فرصة للفوز بجوائز مالية، بل هي قبل ذلك شرف وطني يتمثل في أن يكون الفنان جزءًا من لحظة تاريخية تخلّد حب الشعب لقائده، وفرصة ليكتب الفن التشكيلي سطورًا جديدة في ذاكرة الوطن، ويقدم للعالم صورة بصرية خالدة تحمل بصمة الفنانين السعوديين وهم يوثقون بإنجازاتهم الفنية إنجازات قائدهم.
** **
تويتر: AL_KHAFAJII