محمد العويفير
مع انطلاق دوري روشن كان من المفترض أن نشهد بداية قوية وحماسية تعكس حجم التطور الكبير الذي يعيشه الدوري على مستوى الاستثمارات والنجوم العالميين، إلا أن الواقع جاء مختلفًا.. للموسم الثالث على التوالي تكرر المشهد ذاته، بداية باهتة لا ترتقي لتطلعات الجماهير ولا توازي حجم الزخم المحيط بالمسابقة.
تعود الأسباب إلى خلل واضح في استعدادات معظم الأندية، فباستثناء قلة قليلة من الفرق المملوكة لشركات أو المدعومة ماليًا بشكل كبير نجد أن الغالبية لا تكمل جاهزيتها إلا بعد مرور أربع أو خمس جولات. هذا الخلل يرتبط بعاملين رئيسيين، الأول هو تأخر حسم التعاقدات إذ غالبًا لا تُغلق ملفات الصفقات إلا مع نهاية فترة الانتقالات، بل أحيانًا في يومها الأخير، أما العامل الثاني فهو فشل كثير من المعسكرات الصيفية، حيث تضطر الأندية لخوضها بعدد محدود من اللاعبين لا يتجاوز ثلاثة عشر أو أربعة عشر لاعبًا، ما يفقد فترة الإعداد قيمتها الفنية ويجعل انطلاقة الموسم غير متوازنة.
والأغرب من ذلك أن هذه الأندية التي تبدأ متأخرة وتستعد بعدد ناقص من اللاعبين، تكمل صفوفها في وقت واحد تقريبًا، وكأنها تعمل وفق جدول واحد غير معلن، فجميعها تبرم تعاقداتها في نفس الفترة وتنجز ملفاتها في نفس التوقيت، حتى تكاد تشعر أن الظروف متطابقة بينها من حيث الزمان والمكان، هذا الأمر يثير التساؤلات: هل كانت تلك الأندية تنتظر انفراج أزمة معينة حتى تبدأ العمل الجاد؟ وإذا صح ذلك فإن المشكلة تصبح أعمق، لأن المرجع أو الجهة التي تنتظر منها الأندية هذا الانفراج مطالبة بأن تتعامل مع هذه الملفات بشكل أسرع وأكثر مرونة، بما يسهل على الفرق الدخول في الموسم بجاهزية أكبر ويضمن نجاح المسابقة منذ بدايتها.
هذه الفجوة في الاستعدادات تترك أثرها المباشر على تنافسية الدوري، فالمباريات في الجولات الأولى غالبًا ما تكون محسومة مسبقًا، حيث تجد الفرق الكبيرة نفسها أمام خصوم غير مكتملين فتخطف النقاط بسهولة، ما يحول بعض اللقاءات إلى مواجهات بلا روح ولا إثارة، وبدلًا من أن تكون البداية قوية ومليئة بالندية تتحول الأسابيع الأولى إلى مرحلة باهتة، أشبه بتمهيد غير جذاب للجماهير والمتابعين.
المفارقة أن الإثارة الحقيقية لا تبدأ إلا في الدور الثاني، حين تكتمل صفوف الأندية وتبدأ الفرق المتوسطة والصغيرة في إظهار قوتها بعد أن تحقق قدرًا من التجانس، عندها فقط نشاهد المفاجآت والنتائج غير المتوقعة، ويشتعل صراع الهبوط بشكل مثير، لكن ذلك لا يعوض فقدان المتعة في بداية الدوري، وهي المرحلة التي يفترض أن تشكل الانطلاقة الأقوى للبطولة.
إن استمرار هذه الظاهرة يطرح تساؤلات جدية حول التخطيط الإداري والفني للأندية، وحول آليات تنظيم الموسم وفترة الانتقالات.
رسالتي:
إذا كان الهدف هو أن يصبح دوري روشن واحدًا من أقوى الدوريات في العالم، فلا بد أن يبدأ بقوة من الجولة الأولى، لا أن يظل أسير بدايات باهتة تضعف من قيمته التنافسية والإعلامية!
** **
- محلل فني