د. ناهد باشطح
فاصلة:
«نحن لا نرى الأشياء كما هي، بل كما نحن»
- أنانييس نين
* * * * *
إذا كنت كمعظم السعوديين الذين يستخدمون برنامج «تيك توك» فلا بد أنك لاحظت الترحيب العظيم لكل أغنية ينشرها الفنان فضل شاكر والتي هي غالبا أغاني عاطفية رومانسية
هذه الاستجابة للأغاني العاطفية ليست مجرد ذوق موسيقي، بل ترتبط بعوامل نفسية وشخصية، أبرزها صوت الفنان وإحساسه وتعاطف الجمهور مع ظروفه الحياتية وكذلك هناك سمات مثل التعاطف تجعل المستمع أكثر عرضة للتأثر بالأغاني العاطفية، كما بينت دراسة (Vuoskoski الجزيرة Eerola) في علم الشخصية بأن سمات مثل التعاطف والانفتاح تجعل المستمع للموسيقى أكثر تأثراً بالأغاني العاطفية، في حين يبقى أصحاب الشخصية التجنبية أقل تجاوبًا.
وأن من يحتفي بالأغاني العاطفية ويحب الاستماع إليها هو من يمتلك نمط شخصية عاطفي من منظور أداة MBTI (Myers-Briggs)
الأداة التي تستند الى نظرية كارل يونغ لتصنيف الأفراد بناء على تفضيلاتهم النفسية
هناك 16 نوعاً من الرومانسية:
من هذه الأنواع الوسيط (INFP)، الحالم المثالي الذي يقدِّر الكلمات الموسيقية، يتأثر أكثر بأغاني الحب، لأن هذه الشخصيات تميل إلى قراءة المشاعر بعمق وربطها بتجاربها بينما تفضل الأنواع الأخرى من الرومانسيين وسائل أخرى تعبر عن مشاعرهم.
وقد بيّنت أبحاث منشورة لـ(Salimpoor وآخرين) أن أشخاصًا آخرين يختبرون استجابة جسدية قوية، مثل القشعريرة أو الدموع، بسبب تنشيط مراكز العاطفة والمكافأة في الدماغ.
نعود للاستجابة والترحيب بأغاني الحب ومثالنا أغاني الفنان فضل شاكر، إذ إنه على الرغم من الترحيب الإعلامي بذلك إلا أن ذلك لا يشمل الجميع، فهناك من لا يتأثر بهذا النوع من الأغاني، فالاستجابة للأغاني العاطفية ليست واحدة عند الجميع؛ هناك من يتأثر بعمق حتى تدمع عيناه، بينما يمر آخرون على اللحن مرورًا عابرًا دون أن يترك فيهم أثرًا يُذكر.
هؤلاء الأشخاص يعانون كما أوضحت دراسة نُشرت في مجلة Current Biology مما يُعرف بـ»اللامتعة الموسيقية» أي أنهم لا يشعرون بأي انفعال عند سماع الموسيقى.
ووفقاً للذاكرة الشخصية فإن من لا يتأثر بالأغاني العاطفية قد لا تكون لديه ذكريات مشابهة مرتبطة بالأغاني.
وهناك شخصيات تميل إلى العقلانية، هؤلاء يتفاعلون مع الأفكار والمعاني العقلية أكثر من المشاعر، وبالتالي قد لا يجدون في الأغاني العاطفية ما يحرّكهم تجاه الاهتمام بها.
وهناك البعض الذي يحمي نفسه لا شعورياً من الانغماس العاطفي، يضع حاجزاً نفسيًا ضد المشاعر المؤلمة، فيكون حيادياً تجاه الأغاني التي تثير مشاعر الحب أو الفقد.
وهناك من نشأ في بيئة أقل ارتباطًا بالتعبير العاطفي أو لا تعطي قيمة للحب الرومانسي كما تصوّره الأغاني، فيتعامل الشخص معها ببرود أو حياد.
كما أن بعض الأشخاص يتأثرون أكثر بالجانب الفلسفي أو الفني البحت (كالموسيقى الكلاسيكية، أو الشعر الصوفي) أكثر من الأغاني العاطفية المباشرة.
إن التأثّر بأغاني الحب أو عدم التأثّر بها لا ينحصر في الذائقة الفنية، بل تتضمن أبعاداً كثيرة.
المصادر
- Blood, A. J., الجزيرة Zatorre, R. J. (2001). Intensely pleasurable responses to music correlate with activity in brain regions implicated in reward and emotion. Proceedings of the National Academy of Sciences, 98(20), 11818-11823. https://doi.org/10.1073/pnas.191355898
- Mas-Herrero, E., Zatorre, R. J., Rodriguez-Fornells, A., الجزيرة Marco-Pallarés, J. (2014). Dissociation between musical and monetary reward responses in specific musical anhedonia. Current Biology, 24(6), 699-704. https://doi.org/10.1016/j.cub.2014.01.068
- Vuoskoski, J. K., الجزيرة Eerola, T. (2011). The role of personality in the perception and experience of music-induced emotions. Cortex, 47(9), 1099-1106. https://doi.org/10.1016/j.cortex.2011.04.011