د. سطام بن عبدالله آل سعد
لم تكن نتائج توثيق البطولات السعودية مجرد خبر رياضي، بل كانت زلزالاً هزَّ الأوهام وأسقط الروايات المصطنعة. وفي قلب هذا الزلزال، ارتفع الهلال شامخًا بـ90 بطولة موثَّقة، صانعًا فاصلاً صارخًا بين استدامة المجد وانكسار المنافسين.
مشروع التوثيق لم يضف للهلال جديدًا، لأنه ببساطة لم يكن يعيش على الادعاءات، إنما على البطولات الموثَّقة محليًا وقاريًا وعالميًا. لكنه جاء ليفرض الحقيقة على الآخرين ويكشف هشاشة ما كانوا يروِّجون له، لتسقط الألقاب المزيَّفة تحت ثقل الأرقام.
استطاع الهلال تجسيد مشروع مؤسسي للبطولات؛ جيل يسلِّم المجد لجيل، وإدارة تبني فوق ما أنجزته إدارة أخرى. فالرقم تسعون شهادة على منظومة استدامة كروية، تجعل الفارق بينه وبين أقرب مطارديه أشبه بالبون الشاسع، فالاتحاد 59، والأهلي 53، والنصر 48. هكذا هي حقيقة بعض الأندية، فيما يسبح الهلال في فضاء آخر.
قيمة الهلال لا تُقاس بعدد البطولات فقط، بل بقدرته على تحويل الفوز إلى منظومة استدامة رياضية تعكس هوية وطنية متجددة. فحين ينجح نادٍ في أن يكون مشروعًا ممتدًا لا ينهار بتغير الإدارات ولا يختفي بانطفاء جيل، فإنه يرسِّخ قاعدة أعمق؛ بأن الرياضة أداة لصناعة الوعي والانتماء وليست مجرد لعبة. وبهذا المعنى يتجاوز الهلال حدود المستطيل الأخضر، ليصبح مؤسسة تلهم في الإدارة وتغرس في الجماهير أن المجد هو ثمرة تراكم واعٍ يصنع مستقبلاً أكثر إشراقًا.
الهلال ظل وفياً لمشروعه المستدام، ببطولات محلية تعزِّز حضوره، ومنصات قارية تجعل من المملكة رقماً صعباً في آسيا، وإنجازات عالمية تعكس صورة مشرقة عن الكرة الوطنية. كل لقب يرفعه الهلال هو إضافة للكرة السعودية قبل أن يكون إضافة للنادي نفسه، وهذا ما يجعل استدامة مجده شأنًا وطنياً لا مجرد تنافس رياضي.
الحقيقة لا تحتمل التأويل، الهلال نموذج يثبت أن البطولات ثقافة تُبنى على العمل والانضباط والرؤية. أما من تلقوا صدمة التوثيق، فإما أن يعيدوا بناء مؤسساتهم للحاق بركب الاستدامة، أو يظلوا أسرى للماضي بأوهامه وادعاءاته يتجرَّعون مرارة الانكسار كلما ارتفع الهلال بكأس جديدة.