د.عبدالعزيز الجار الله
تتميز منطقة تبوك بخصائص طبيعية وبيئية، وترتكز على بنية جيولوجية وجغرافية وحضارية تجعل منها كنزاً ثميناً للمملكة لأن منطقة تبوك هي:
الركن الغالي شمال غربي المملكة، والممر التاريخي لدرب الأنبياء، وبوابة المملكة للممر الدولي لدول الشام: الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان . وإلى تركيا والبحر الأبيض المتوسط، وقناة السويس، والشمال الأفريقي العربي، إضافة إلى سواحلها على البحر الأحمر وخليج العقبة.
هذا من ناحية الصلات الدولية والتجارة العالمية، أما القيمة الحضارية فهي موطن لحضارة مملكتي: مملكة دادان، ومملكة لحيان. اللتان تشكل أراضيهما منطقتي تبوك والمدينة المنورة وتعود إلى تاريخهما إلى الألف الأول قبل الميلاد (3000) من الآن.
ومن الناحية الطبوغرافية فإن تبوك تتميز بالجبال: سلسلة جبال مدين وهي الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال السروات وجبال الحجاز .
وتقع هضاب حسمى شرقي جبال مدين، وسلاسل جبال واقعة ما بين مدينة تبوك وبين البحر الأحمر وخليج العقبة، ومن جبال تبوك البارزة: أعلاها قمة جبال اللوز (2549 مترا) وجبل الدبغ وجبل الشياطي وجبل وتد وجبل زهد وجبل حرب وجبل شار وجبل شيهوب وجبل عرمان وجبل الطبيق، وجبل راية ارتفاعه (1284 متر).
ثم تأتي جبال شقري الواقعة في الجنوب الغربي من مدينة تبوك، تقف جبال «شقري» شامخة؛ تحكي قصة الأرض وتحولاتها الكبرى منذ أكثر من 542 مليون عام، وحول هذه الجبال وما تحمله من أسرار، قال رئيس مجلس إدارة جمعية «الجيولوجيون السعوديون» الدكتور عبدالعزيز بن لعبون، في حديثه لوكالة الأنباء السعودية في 03 سبتمبر 2025م:
إن جبال شقري بتبوك تمثل متحفًا جيولوجيًا مفتوحًا يروي قصصًا على الأرض يزيد عمرها عن 542 مليون عام - حسب الدراسات والبحوث العلمية -، وتضم أقدم الصخور الرسوبية في المملكة، والتي تعود للعصر الكمبري، وترسّبت فوق صخور الدرع العربي المكوّنة من صخور نارية ومتحولة قد يصل عمرها إلى آلاف الملايين من السنين، لتصبح بذلك سجلًا طبيعيًا زاخرًا بالأسرار.
ويقول د. ابن لعبون:
- إن فرادة جبال شقري تتجلى في تنوع تكويناتها الطبيعية، حيث أسهمت الحركات الأرضية والعوامل الجوية على مدى ملايين السنين في تشكيل صدوع وأخاديد ومغارات، وأبدعت مشاهد مدهشة من الأعمدة الصخرية والمصاطب والفطر (عيش الغراب). لافتًا إلى أن جبال شقري لا تقتصر على قيمتها العلمية فحسب، بل تحتضن أيضًا أهمية اقتصادية كبرى، إذ تُعد صخورها الرملية خزانات طبيعية للمياه الجوفية في شمال غرب المملكة، مما جعلها رافدًا مهمًا للزراعة والحياة.
- أسهمت عوامل التجوية فيها إلى تكوين كثبان الرمال التي شكّلت بحار الرمال الكبرى، مثل النفود الكبير والدهناء والربع الخالي.
- شكّلت للإنسان القديم مأوى ومصدرًا للمياه والحياة الفطرية، فترك فيها سجلًا بآثاره الرائعة من منشآت حجرية ورسومات صخرية، تجسّد مشاهد من الحياة اليومية وصورًا لحيوانات برية.
- المنطقة تضم إلى جانب ذلك ما يُعرف محليًا بـ»الشق»، وهو صدع عظيم يصل عمقه إلى نحو 280 مترًا..
- جبال شقري تمثل مختبرًا طبيعيًا مفتوحًا للطلاب والباحثين في مجال علوم الأرض.
- كما أن وجودها على مقربة من مدينة تبوك يسهل الوصول إليها، ما يجعلها موقعًا مثاليًا للرحلات التعليمية والبحثية.
- شقري ليست مجرد صخور وجبال، بل هي قصة الأرض مكتوبة بلغة الطبيعة، تحفظها الرمال وترويها الجبال، لتبقى متحفًا طبيعيًا مفتوحًا.