ناصر زيدان التميمي
نحن نعيش في عالم يتوهم الكثيرون أنه خالٍ من القيود، عالم نرى فيه الأبواب مفتوحة ونشعر فيه بحرية التنقل، ولكن في الحقيقة، غالبًا ما نكون مسجونين دون أن ندرك. أخطر السجون ليست تلك التي تُغلق علينا بالأقفال والمفاتيح، بل هي الأفكار التي نُحاصر أنفسنا بها داخل عقولنا.
السجون التي تُبنى من الخرسانة والحديد، رغم قسوتها، قد يجد السجين فيها بعض الأمل في يوم من الأيام بالخروج، لكن سجون الأفكار قد تدمرنا تمامًا من الداخل وتُنهي كل أمل في التحرر. هذه الأفكار قد تأتي على شكل خوف من الفشل، أو قلق من أحكام الآخرين، أو شعور بعدم الكفاءة، أو حتى اعتقاد خاطئ بأننا لا نستحق السعادة. عندما نكون محبوسين في زنزانة من الخوف، فإننا نُفقد القدرة على المخاطرة وتجربة أشياء جديدة. عندما تُسيطر علينا فكرة أننا لا نستحق النجاح، فإننا نُتوقف عن السعي لتحقيق أحلامنا. هذه السجون الفكرية قد تكون أكثر تأثيرًا وقسوة من أي قفل يمكن أن يوضع على باب، فهي تحد من إمكانياتنا وتقتل طموحاتنا ببطء. إذا أردنا أن نتحرر من هذه السجون، يجب علينا أن نواجه أفكارنا السلبية. بداية التحرر تكون بالاعتراف بوجود هذه القيود العقلية، ثم العمل على تغييرها. يمكننا فعل ذلك من خلال إعادة صياغة الأفكار السلبية، والتفكير بإيجابية، والبحث عن الأدلة التي تُثبت عكس ما تُمليه علينا أذهاننا. كل خطوة صغيرة نحو التغيير هي بمثابة كسر قيد من الأصفاد التي نُحكم بها على أنفسنا.
في نهاية المطاف، الحرية الحقيقية ليست فقط في حرية الجسد، بل هي في حرية العقل. التحرر من الأفكار السلبية هو البوابة لعيش حياة أفضل، حياة مليئة بالفرص والإمكانيات. لذا، دعونا لا نخشى مواجهة السجون التي نبنيها لأنفسنا، ولنعمل على تحطيم قيودها بوعي، لنستعيد السيطرة على حياتنا.