فضل بن سعد البوعينين
بعد إطلاق رؤية السعودية 2030، باتت المشروعات التنموية أكثر ارتباطا بالاستراتيجيات الشاملة، التي تعتمد على مرتكزات النمو، والمقومات التنافسية، والمشروعات التنموية، ذات الأثر التنموي والاقتصادي.
وبرغم الجهود المتواصلة للجهات الخدمية والإدارية بمحافظة الجبيل، والاهتمام الحكومي بتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة، تقف مدينة الجبيل في منتصف الطريق نحو التنمية النوعية المتوافقة مع رؤية 2030 والتي يفترض أن تغير وجهة المدينة، وتسهم في رفع جودة الحياة، ومعالجة تحديات التنمية.
تحديات فنية وتمويلية، وتشغيلية أثرت على مخرجات التنمية النهائية، ما يستدعي العمل على معالجتها، لتحقيق كفاءة وجودة وتكامل المخرجات، ومحاكاة مخرجات الرؤية في عدد من المدن التي تمكنت من تحقيق متطلبات التطوير الشامل، وتحسين المشهد الحضري، ورفع جودة الحياة.
كفاءة وحرص المسؤولين على إحداث التغيير والتطوير التنموي قد لا يكون كافيا لتحقيق الأهداف، بل يحتاج دائما إلى الدعم والتمكين من أمانة المنطقة الشرقية، والجهات ذات العلاقة، والمساهمة الفاعلة في معالجة التحديات.
ومن التحديات، ضعف ميزانية بلدية المحافظة، ومحدودية عدد الكفاءات البشرية المتخصصة في التطوير البلدي، وغياب دعم أمانة المنطقة للمشروعات، أو توفير التمويل العاجل للمشروعات الملحة، أو برامج التطوير والأنسنة، ومعالجة مشكلات المشروعات المتعثرة والمتأخرة، وفي مقدمها مركز الأمير نايف الحضاري، وتطوير شوارع مركز المدينة، وتنظيم وتطوير أحياء المدينة.
نظام الهيئة الملكية للجبيل وينبع، من التحديات المستترة، حيث تسبب المشرع حين إصدار النظام، في الفصل التنموي بين المدينتين المتلاصقتين، بتحديده للنطاق التنموي الذي استثنى مدينة الجبيل من المخطط الشامل. ثم تكرس الفصل من خلال الممارسات الإدارية المتعاقبة التي لم تنظر لمدينة الجبيل على أنها امتداد تنموي ولوجستي، واستراتيجي للمدينة الصناعية، بل مدينة منفصلة ليس لها الحق في مشروعات الهيئة الملكية، برغم تحملها تبعات القطاع الصناعي وانعكاساته على البيئة، والخدمات، والمجتمع عموما، ما جعل الهيئة شريكة في المغنم، ومحصنة من مغرم المسؤولية، والمساهمة في التطوير، والمسؤولية المجتمعية، ومعالجة التحديات.
واقع مدينة الجبيل التنموي، وعلاقتها بالهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومشروعاتها التنموية، والمسؤولية المجتمعية، إضافة إلى علاقتها بقطاع البتروكيماويات، أمر لا يمكن تصوره بعد إطلاق رؤية 2030 التي حققت التكامل بين الأجهزة الحكومية، وانتهجت العمل الاستراتيجي المحقق للتطوير الشامل، والتنمية، وجودة الحياة.
فصل الاستراتيجية التنموية، للمدينتين المتلاصقتين، وتكريس العمل الانعزالي، وتباين حجم ونوعية المشروعات، وغياب التكامل الخدمي، والمرجعية، مخالف لنهج الرؤية، ويتسبب في توسع الفجوة التنموية بين المدينتين المتلاصقتين، التابعتين لمحافظة إدارية واحدة.
تحديات تنموية تتطلب العمل على معالجتها وفق رؤية السعودية 2030. ومن أهم الإجراءات الإصلاحية، تعديل نظام الهيئة الملكية، لمد النطاق الجغرافي كي يشمل مدينة الجبيل، وبما يسمح لها بتنفيذ مشروعات تنموية وتطويرية في المدينة، وتحقيق التكامل التنموي، و إعادة هيكلة المنظومة التنموية في محافظة الجبيل، وتوحيد المخطط الاستراتيجي للمدينتين، إضافة إلى تمكين المرجعية الإدارية المتمثلة بمحافظة الجبيل، وتعزيز دورها التنموي، والإشرافي، فهي الأكثر معرفة باحتياجات المحافظة، وأولوياتها، والمعنية بإدارة المحافظة.
ومن الحلول مساهمة الهيئة الملكية في تنمية الجبيل، وتولي مسؤولية المشروعات ذات العلاقة بها، ومنها تطوير المدخل الشمالي (طريق الملك فيصل)، ومعالجة حركة شاحنات مواد البتروكيماويات الداخلة إلى الميناء للحد من المخاطر، وتطوير المدخل الغربي (طريق الملك فهد)، وربط طريق 1 بطريق الملك عبدالله بالجبيل من خلال تنفيذ مداخل ومخارج لتسهيل الحركة المرورية، وفك الاختناقات المرورية التي يتسبب بها موظفو وعمال القطاع الصناعي، وتنفيذ مشروعات التشجير، والحدائق، والري في الجبيل، وهو جانب من مسؤولياتها الرئيسة لتنقية البيئة من الملوثات الصناعية. إضافة إلى تنفيذ مردم ذكي لطمر مخلفات المدينتين، في مرحلة تحولية، والعمل على تنفيذ مستهدف التحول من المرادم إلى تدوير المخلفات ومعالجتها، وخلق منظومة اقتصاد دائري، لحماية البيئة والالتزام بمتطلبات مبادرة السعودية الخضراء، إضافة إلى تشديد الرقابة على نقل المخلفات الصناعية الخطرة، وتطوير الواجهة البحرية الشرقية في الجبيل، حيث يعد البحر جزءا من نطاقها الجغرافي، ليكون متنفسا للمواطنين والمقيمين.
ومن أهم الحلول الواجب تبنيها وتعزيزها بالنظام، تخصيص 50 % من مساهمات القطاع الصناعي الاجتماعية للإنفاق على مشروعات التنمية في الجبيل، المتضررة من مخلفات المصانع، وأبخرتها، والحاضنة لعمالتها، التي بدأت تؤثر في التركيبة السكانية وتضغط على الخدمات، وتتسبب في مشكلات مجتمعية مختلفة. والتزام الهيئة بإنشاء مدينة عمال متكاملة في نطاقها الجغرافي، لنقل العمالة من المزارع، ولتخفيف الضغط على الخدمات في الجبيل.