عبدالعزيز صالح الصالح
كلما يتأمل المرء في هذا الكون الواسع الممتد بلا حدود، والذي تنعدم فيه الرؤى، وتضيع فيه المسافات وتتوه فيه الأرقام، وتبطل فيه الاتجاهات، ويختلط فيه الزمان والمكان، ويلتقي فيه الماضي المستقبل، كونه خالقه فأبدعه، فهو من صنعه ومن إعجاز تدبيره ومن عظمة قدرته سبحانه وتعالى، فهو سبحانه سواه، فالسماء فضاء شاسع الأبعاد تحتوي على اجرام سماوية تتحرك من الشرق إلى الغرب، ويعود الأمر إلى دوران الأرض حول نفسها في الاتجاه المعاكس - فإن قدرة الخالق عز وجل تتجلى في كل شيء، وفي مكان فتجد الكواكب في السماء والنجوم بشتى اشكالها وأحجامها تتلألأ ليلاً حيث ترسم مدارات متعدِّدة ومسافات شاسعة تفصل بين النجوم، حيث إن الكون يبدو كأنه مجرد فضاء لا نهاية له من الفراغ والضياء، وعندما تشرق الشمس تختفي سائر النجوم والكواكب بالرغم من بقائها في كبد السماء، فضوء الشمس.. يحجب ما عداه من الأجرام السماوية، وإذا ظل القمر مرئياً في بعض الأحيان إلى جانب الشمس، فإنما يظل لفترة وجيزة بوجه باهت شاحب.
الشمس ليست سوى نجم كسائر نجوم الفلك حيث إن الشمس والأرض في مجرَّة واحدة أي في مجموعة واحدة من النجوم، ويبدو أن الشمس والقمر على مسافة متماثلة من الأرض، حيث إن الشمس تبعد عن الأرض بحوالي أربعمائة مرة بعد القمر، وكلما اكتشفنا هذا الكون، لم نتوصل إليه إلا بحواسنا، وآلاتنا، واجهزتنا العلمية المتناهية في الدقة، التي اطلعنا علي الضوء والألوان، وقوس قزح، والسَّماء والنجوم، وروائح الأزهار وعطورها المتنوِّعة، وتغريد الطيور، ومداعبات النسيم، وتذوق طعم الثمار، فمنذ أن خلق وبدأ يتأمل ويتفكر ما حوله، ويلاحظ الإنسان وبدا يتأمل كل الأشياء المتكررة والمتلاحقة - إنها نتيجة جهاد طويل، ومستمر، وطريق طويل شاق ملئ بالملاحظات والمشاهدات، قطعها المرء، مفكراً ومجرباً حتى تمكن إلى النتائج، ولم يكن بمقدور الفرد فهم الطبيعة وثرواتها، وثراء هذا الكون، فكل شيء يتحول، وإذا كان الجو بارداً تجمد الماء، وإذا ارتفعت الحرارة، انصهر الماء، حيث يجمد الماء في البرودة، ويسيل الماء في حالة الحرارة - لقد مضى على هذه الكون ملايين السنين، وبعد ذلك ظهرت خلالها فنون الزراعة، ثم تعلم الإنسان الكتابة في الشرق كما في الغرب - فالإنسان بحاجة ماسة إلى إيجاد أجوبة مقنعة على الأسئلة التي يطرحها هذا الكون الذي نعيش فيه والَّذي نشكل نحن جزءاً منه.
فقد رصد العلماء بعض الظواهر الغريبة عن الشمس، ومنها -على سبيل المثال- الطريقة التي تتحرك بها في الفضاء، واللطخات التي تحدث على سطحها المرئي بين الحين والحين، والنتوءات، والانفجارات التي تطلقها؛ فالشمس تدور حول نفسها، ولكن لا كجسم صلب، بل ككتلة نارية هائلة من الغازات الملتهبة.
فقد أكد العالم الفلكي البولندي المدعو/ نيكولا كوبرنيك فهو أوَّل من أثبت منذ القرن السادس دوران النجوم والكواكب حول نفسها وحول الشمس، وبالتالي أثبت أن الشمس هي محور سائر نجوم الكون، حيث تبتعد عن الأرض بحوالي مائة وخمسين مليون كيلو متراً، ومع هذا تصلنا حرارتها وضوؤها..!
فسبحان الله العظيم!!