أ.د.عبد الله بن سليم الرشيد
في منتصف سنة 1410 (1990) سجّلت موضوعًا لنيل درجة التخصص (الماجستير) بعنوان (شفيق جبري، حياته وأدبه)، في كلية اللغة العربية بالرياض.
ولما شرعتُ في الموضوع وجمعت ما تيسر من نتاج الأديب، هفَتْ نفسي إلى زيارة سورية، للمرور بمجمع اللغة العربية في دمشق، إذْ كان جبري -رحمه الله- (ت1400هـ/1980م)، عضوًا فيه، وقدّرتُ أني واجدٌ ما يفيدني في دراسة حياته وأدبه، وطمعتُ أيضًا في أن تتيح لي الزيارة لُقيا نفرٍ من العلماء والأدباء.
قبل الرحلة بنحو شهر أُقيم في الرياض مؤتمر علمي، شارك فيه نائب رئيس المجمع آنذاك الدكتور شاكر الفحّام، -رحمه الله- (ت 1429هـ/2008م)، فسعيتُ إلى لقائه، في بهو فندق (ماريوت)، وقعدتُ معه قعدة موجزة، أبنتُ له فيها موضوعي، وحاجتي إلى مراجعة أضابير المجمع والبحث عن نتاج جبري غير المنشور في كتبه، وأنبأته أني عازمٌ على زيارة الشام، فرحّب، وأعطاني رقمه، وطلب إليّ أن أهتف به إذا بلغتُ دمشق.
هو (شاكرٌ)، فتفاءلتُ باسمه، وقدّرتُ أني لاقٍ ما يستحقّ أن يُشكر، وذلك ما كان.
وفي مطلع ذي الحجة من سنة 1412هـ (حَزيران 1992)، حطّ بي طائرُ الشوقِ في دمشق، فاكتريت غرفة، في فندق (الفراديس) في ساحة الـمَرْجة، وهي ليست بعيدة عن سوق الحَمِيدية، والجامع الأموي، وهما من معالم الشام التي لا بدّ من زيارتها. وكان إلى جوار الفندق مبنًى لوزارة الداخلية؛ ولذلك كان مرآى الجند في الساحة وفي الأزقة المجاورة أمرًا معتادًا.
وكنت حملتُ معي رِزمة مالٍ، إذ لم تكن البطائق المصرفيّة منتشرة، ولم يكن العمل بها شائعًا، وكان مجموع ما حملتُ ثلاثة آلاف ريال، استبدلتُ بها الليرة السورية فجاءت في نحو ثلاثين ألفًا. وكَفَتني ولـمّا، إذْ ذهب آخر مئة ليرة في حوزتي قيمةً لرسمِ المغادرة! وركبتُ الطائرة إلى الرياض صفرًا خالي اليدين (ما في يدي من فاقةٍ إلا يدي).
كان وصولي إلى (الفراديس) قُبيل صلاة الظهر، فأمضيت العشيّةَ أتسكّع في الجوار، وأتدسّسُ في الشوارع والأزقّة، حتى بلغت الجامع الأموي، فصلّيت فيه العصر، ولم يكن الصف الأول مكتملًا على ضخامة الجامع وكثرة المحالّ حوله، ومجاورة سوق الحميدية إياه. ثم قفلتُ راجعًا بالحدسِ والسؤال، أتمشّى متمهّلًا، حتى بلغت الفندق.
وفي صباح اليوم التالي هتفتُ بالرقم الذي أعطاني إياه الدكتور شاكر الفحام، وحدثتُه مذكّرًا إياه نفسي، فرحّب كثيرًا، وقال: إنه سيبعث سائق المجمع للمرور بي، وحَمْلي إلى المجمع! (أيُّ كرمٍ قوبِلتُ به!) وكان ذلك، إذْ جاءني سائق اسمه (محمد موفّق) كهل لطيف المعشر، نزرُ الكلام، تفاءلتُ باسمه أيضًا، وقلتُ في نفسي: (جاءكَ التوفيق يا فتى).
ذهبت مع السائق إلى مبنى المجمع في (حي المالكي)، فقعدت مع الفحام قعدة لم تتجاوز الساعة، سعدتُ فيها بروحه الطيّبة، وحديثه الشائق، وعلمه الغزير، مع أنه كان كثير القيام والقعود، لا يكاد يستقرّ على كرسيّه، ثم أحالني إلى موظفة المكتبة، فدلّتني على بعض الملفات وأطلعتني عليها، وصوّرت بعض الأوراق، ثم قالت: إن الدكتور شاكرًا يدعوك إلى مكتبه مرةً أخرى، فلما عدتُ إليه قال: أخبرتُ أمين المجمع بأمرك، وهو في انتظارك فلعلك تفيد منه شيئًا.
ذهبتُ إلى أمين المجمع الدكتور عدنان الخطيب -رحمه الله- (ت 1416هـ/1995م)، وكان ثقيل السمع هرِمًا، فلم أستفِد منه سوى النزْر. سألتُه عن قصائد لجبري محفوظة في بعض أضابير المجمع، ولم تنشر في ديوانه (نوح العندليب)، فأخبرني ألّا سبيلَ إليها، وأنه لا يُسمح بنشرها لأسباب سياسية!
وكان من حسن خلُق الدكتور شاكر الفحام، ومروءتِه أنْ حرَص على إفادتي كلَّ الحرص، فأحالني إلى صحفيّ أديب دمشقي، وأوصاه بي خيرًا، وكلمه بالهاتف وأنا عنده، وسمعتُه يقول له عني: (هذا شاب صغير ولكنه ذو همّة عالية)، وفهمتُ أن الجملة الثانية لدفع عزيمتي ومجاملتي ليس غير، ثم التفتَ إليّ بعد إنهاء الاتصال، وقال وخفض صوتَه كأنه يوشوشني بسرٍّ: (هاد مسيحي، أوعى تحكي شِي هيك ولا هيك)، وذلك تنبيه مهمّ؛ لئلا تفرُط مني كلمة لا أقدُرُها قَدرَها، ولعله قال في نفسه: هذا نجدي (سلفيّ) لا تُؤمنُ بدَواتُه. والحقُّ أنه لم يَحِكْ في صدري شيءٌ من هذه المسائل، فأنا باحثٌ عن (الحكمة)، متشبّثٌ بها أنّى وجدتها، وما أنا بخوّاضٍ في أمور الدين والمذاهب.
ولم يكن هذا هو اللقاء الفريد بالفحّام، إذْ زرته كرّة أخرى في مكتب (الموسوعة العربية)، ولقيت عنده الدكتور إحسان النُّصّ (ت1433هـ/2012م)، وللفأل موضعٌ آخرُ هنا، فالرجل (إحسان).
تجاذب الرجلان أطراف حديث علمي أدبي، وبقِيتُ مستمعًا إلّا بكُليمةٍ مرةً وجملةٍ حيِيّةٍ مرةً أخرى. عرَضا للواقع الأدبي، ولقصائد شعراء الشام في الأحداث والوقائع، فأفدتُ منهما ما نبّهني إلى مظانّ أدب شفيق جبري، وكنتُ أدرسُ شعره ونثرَه معًا.
ثم إني ذهبت إلى ذلك الأديب الذي أوصاه شاكرٌ بي، وهو عيسى فتوح الذي كان موظّفًا في نقابة المعلمين، وقد أعاد اسمه إليّ الفأل مرة جديدة، ففَتّوح من الفتْح، وهل جئتُ إلى دمشقَ إلا لفُتُوح من العلم والأدب؟
حدّثتُه عن موضوعي، فأفاد بأن عنده بعض كتب لجبري، وعنه، وأنه سيبيعني إياها، فشكرت له، واتّعدت وإياه عشيّ ذلك اليوم، فلما التقينا عند محطّة الحجاز، أخرج بعض الكتب من صندوق سيارته، فاشتريتها بثمن غير بخس، ولكني استرخصتها لأني في حاجة إليها، ومنها كتاب جبري (أرضُ السِّحْر) الذي قيّد فيه وقائع رحلته إلى أمريكا في الخمسينيات، وهو نادر الوجود بأيدي الناس (طُبع سنة 1962)، وكتابٌ لفتّوح نفسه عن بعض أدباء الشام وفيهم جبري، اسمه (شموع في الضباب).
ومن حسن أخلاق أدباء الشام ومثقفيها أن كلّ واحد منهم، لا يَدَعُني حتى يدلّني على آخر؛ ومن أجل ذلك، خرجت من عند شاكر الفحام، إلى عدنان الخطيب ثم إلى عيسى فتوح، ومنه إلى الدكتور عادل الفريجات الذي تجلّى لي في اسمه (فُريجات) الفألُ بالفرج ونُجح المسعى، وحصول الطِلْبة.
كان فُريجات ينوي تقديم أطروحة عن جبري، ثم عدل عنها، وسجّل حوارًا معه في لقاء صحفي، وأعطاني نسخة منه، وآثَرني بأوراق جمعها ومعلومات احتجنها إبّان عزْمته الأولى، ودلّني على مراجع مفيدة، فانعقدت بيننا صداقة استمرت حتى يومنا هذا، فقد زرته بعد ذلك التاريخ بنحو عشرين سنة وتهادينا الكتب. وفي هذه الرحلة ألحّ عليّ أن أتغدّى في بيته في حي القصّاع، فزرتُه أنا والسائق الذي اكتريتُ سيارته مُياومةً (أي بأجرة يومية)، وطعِمنا عنده غداء دمشقيًّا لذيذًا.
ثم إن عيسى فتّوح عرّفني بأديبين آخرين هما إسكندر نعمة القاصّ، ويوسف عبدالأحد الصحفي صاحب مكتبة (العائلة) التي زرتها معهم، ووجدتُ فيها بعض ما يفيدني في البحث. ثم قال فتّوح: لا بدّ من أعرّفك بأديب له علاقة بجبري، وهو الأستاذ عبدالغني العِطْري (ت 1423هـ/2003م)! يا لهذه الأسماء التي تنفحني فألًا! (غنِيٌّ وعطريّ) أيُّ فألٍ لطيف في هذين الاسمين!
اتّعدتُ وفتوحًا وفريجات على زيارة العطري في مكتبه، وهو أديب صحافي كان يصدر (جريدة الصباح) و(مجلة الدنيا) وعنده سِجِلّ بأعداد المجلتين، ولا سيما (الدنيا) التي استمر صدورها نحو أربعة عشر عامًا، وفيها مقالات لجبري، فجئنا إليه في مبنى قديم متاخمٍ لساحة المَرْجة، فشربنا عنده القهوة، وأدرنا أحاديث الأدب والفكر، واستخبرني عن قدومي إلى دمشق، ثم سأل: هل زرتَ الأستاذ مدحتْ عكّاش؟
قلت: لا أعرفه، وبادر فتوح قائلًا: هو ضمن برنامج الزيارات، فقال العطري: سأصحبكم إليه غدًا، فاتّعدنا على ذلك، وقبل أن أغادر مكتبه أهداني كتابَه (عبقريات شامية) وفيه مقالٌ عن جبري، وكتابَه الطريف (أدبنا الضاحك) وهو من كتب المسامرة لما فيه من اختيارات لطيفة من التراث البعيد والتراث القريب.
وفي الغد شُغِل الرجلان، فذهبتُ بصحبة السائقِ إلى مبنى مجلة الثقافة، بُعيد العصر، عند مدحت عكّاش (ت1431/2011)، وكان أصدر مجلته هذه سنة 1958 وظلّت تصدر حتى يومنا الذي لقيناه فيه، ولكنها كانت رديئةَ الإخراج، قليلة الانتشار، ثم ماتتْ قبل وفاته ببضع سنوات، وبعد أن عدت إلى الرياض نشرتُ فيها بضع مقطوعات شعرية.
استقبلنا عكّاش -رحمه الله- في بيت عربي في وسطه (أرض الديار)، تتوسطه بَحْرة، والشُّجَيرات تحوطه من كل ناحية، وإذا هو قاعد ومعه بضعة رجال ونساء، فعرّفته نفسي وغايتي من الزَّوْرة، فرحّب، وحدّثني عن جبري، وأهداني نسخة من العدد الذي صدر عنه، وأفادني فائدة عظيمة حين أخبرني أن لشفيق جبري شقيقًا اسمه رؤوف يكتب عنده في المجلة، وهو يقطنُ بُلودان، وقال: إنه لا بدّ لك من لقائِه.
ثم رفع سماعة الهاتف، وهتَف برؤوف جبري في بُلودان مرارًا، فلم يعلَق (الخطّ)، لسوء شبكة الاتصالات، فشكرت له جهده وحرصه، وقلت: إني سأذهب إليه فإن لقيته فبها، وإلا فمُبلغُ نفسٍ عُذرَها مثلُ مُنجِحِ، قال: إن لم تجده فرحلتك سياحة على كلّ حال، وبلودان مصيف رائع، وأردف: هي بلدة صغيرة، وسوف تجد من يدلّك على بيته.
ومن الغد حزمت أمري، وخرجت مع السائق إلى بلودان ضُحًى، فمررنا بسهل الزبداني الأخضر، ورؤيته تسرّ الناظرين، وفي الطريق وقفنا بنهر بردى، وكان الماء باردًا؛ لأنه حديث عهد بالشتاء وثلجه. وما أعجلَ أن خطرت في ذهني قصيدة حسان التي منها:
يَسْقُون من ورَدَ البَرِيصَ عليهمُ
برَدى يصفّقُ بالرحيقِ السلسلِ
ودندنتُ بقول شوقي:
جرى وصفّق يلقانا بها برَدَى
كما تلقّاك دونَ الخُلدِ رضوانُ
وفي جولتي بدمشق وأريافها كانت تشخصُ في ذهني أبيات أحفظها عن دمشق وطيب هوائها وجمال طبيعتها، وكان أن رأيت في الغوطة -وهي إحدى جنان الدنيا الأربع عند القدماء- شجرَ الحُور فتمثلتُ قولَ شوقي مدرِكًا براعةَ التشبيه:
والحُورُ في دُمّرٍ أو حول غُوطتِها
حورٌ كواشفُ عن ساقٍ ووِلْدانُ
ولما جُلنا عشيّة العيد في (دارَيا) وهي من أرياف دمشق، نهضَ قُبالتي قول البحتري:
العيشُ في ليلِ دارَيّا إذا بردا
والراح نمزجها بالماء من بَرَدى
أما دمشقُ فقد أبدتْ محاسنَها
وقد وفَى لك مُطُرِيها بما وعدا
إذا أردتَ ملأتَ العينَ من بلدٍ
مستحسَنٍ وزمانٍ يشبهُ البلدا
وهذا يملأ النفسَ ويُروي الشعور أن تمرّ بالأماكن التي ذكرها الشعراء وتغنّوا بها؛ لأنك حينئذ تُمتِع عينَك وقلبك معًا، وهذا ما أستحضره أحيانًا وأنا أمرّ بالأماكن المشهورة في الجزيرة العربية، مما شاع في الشعر وتغنى به الشعراء والأدباء.
لما بلغنا بلودان، وقفنا عند دُكّانِ حدّاد في أول البلدة، في شارع مُصعِد، فسألتُه: هل تعرفُ منزل رؤوف جبري؟ فأشار إلى أعلى الدرب المنحدر، وقال: إنه على يمينك إذا بلغتَ نهاية الشارع، فانطلقنا مُصْعِدَين، وقبل أن ننعطف إلى اليمين، إذا أربعةُ رهطٍ من رجال مُسِنّين يتحدثون وقوفًا، فسألهم السائق: أين بيتُ رؤوف جبري؟ فقالوا مشيرين إلى رجل واقف معهم: (لِيكو)، أي (ها هو ذا)، يا للعجب! والله لكأنما خرج من بيته ووقف ينتظرني!
كان ذلك من حسن صنيع الله بي، وتيسيره، إذ لم أكن أقدّر أني بالغٌ حاجتي بهذا اليُسر، (ولَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيْعَادِ)، وما أكثر ما صحبَني الفأل في أسماء من لقيتُ في هذه الرحلة! وهذا آخرهم (رؤوف) المشتق من الرأفة، واسم عائلته (جبري) فكان لي من ذلك رأفة وجبْر، والحمد لله.
ترجّلت من السيارة وصافحت الرجال، وخصَصْتُ رؤوفًا بسلام وكلام، وأفضيتُ إليه بخبري، فرحّب ودعاني إلى بيته على بُعد خُطَيّات.
كان رؤوف جبري رَبْعة ممتلئ الجسم، أمْيلَ إلى القِصَر، يلبس نظّارة سميكة، ويمشي به العكّازُ غيرَ متثاقلٍ، وقدّرت أنه خنقَ الثمانين، وكان مرحّبًا محتفيًا، إذْ ضيّفني أنا والسائق، وقعدت عنده نحو ثلاث ساعات، وفي أثناء حديثي معه، أحضر نسخًا قديمة من مجلات وصحف كان أخوه شفيق نشر فيها بعض مقالاته وقصائده، فاستعرضتها ونسخت منها ما لم يُنشر في كتبه، لأنه لم يكن في بُلودان آلة تصوير، والذهاب بها معي إلى الشام شاقٌّ، ونفس رؤوف على ما بدا، شحّتْ بأن آخذ شيئًا معي، وقد عذرتُه، فإني غريب لا يُدرَى ماذا أخبّئ، وليس من الحكمة أن يستودعني تراثَ أخيه، وبعضه في أوراق عتاق، وصحف ومجلات أكل الزمان أطرافها وصفّر أحشاءَها.
وجرّتنا الأحاديث إلى أسرة جبري، وإخوانه، فأخبرني أنه هو وشفيقًا وأخاهم ممدوحًا لم يتزوجوا! ولم أشأ سؤاله عن السبب خشية الحرج، ولكني قيّدت المعلومة الغريبة وأفدت منها في تحليل شخصية شفيق. على أني قرأتُ من قبلُ لشفيق نفسه أنه كاد يتزوج، ثم بدا له أن الفتاة كانت طامعةً في ماله، قال: (فمَلَصتُ وتركتها) هكذا عبّرَ -رحمه الله-.
ثم غادرتُ رؤوفًا شاكرًا، ووعدته نسخةً من الرسالة إذا طبعتُها، ووقع ذلك بعد نحو سنتين، إذ بعثت إليه بنسخة من كتابي (رجلُ الصناعتين شفيق جبري)، ولما قرأه، أرسل إليّ يشكر لي ويقدّر عملي، ويبالغ في الثناءِ عليّ؛ إذْ كان مشغوفًا بأن يقرأ ما يُكتب عن أخيه، غير أنه عاتبني على أني اجتهدت فقلت: «إن جدّ أسرة جبري كان في غالب الظنّ درزيًّا، وإن كانت الأسرةُ مسلمةً سُنّية؛ مستدلًّا بأن جدَّهم ذاك وهو يوسف آغا جبري لما هرب من دمشق إبان حملة أبي الذهب على الشام في القرن الثاني عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) لجأ إلى جبل الدروز، ثم رجع ومعه خمسة آلاف منهم». وقال رؤوف: إنه يعتزّ بالدروز، ولكنّ أسرته مسلمة سنّية.
وذلك رأي علمي لا يغضّ من شأن تلك الأسرة الكريمة، ومع ذلك وعدته، تطييبًا لخاطره، حذفَ هذه المسألة إذا طُبع الكتاب مرةً أخرى. وكان آخرَ العهد برؤوف -رحمه الله- رسالةٌ بعثها إليّ بعد صدور الكتاب بسنة يطلب بعضَ النسخ منه، ويهديني بعض كتبه في التربية.
(للمقالة صلة)