يحيى العلكمي
قبل أن ألجَ إلى فكرة المقال وموضوعه، أعلم -يقيناً- أنّ من الأصدقاء المسرحيين السعوديين من سيدهشه السؤال ويثير عجبه، وسيقول في نفسه وربما جهرةً: أ بعد كل هذه المنجزات، والمهرجانات، والورشات، والجوائز، وذلك الحضور الداخلي، والتشريف الخارجي تجرؤ على مثل هذا السؤال؟ ومع أني على قناعة بكل ردّ إيجابي على هذه الأسئلة، وأنّ الأمر المسرحيّ مطمئنٌ، إلا أنّ سؤال العنوان مبعثه أمر آخر مختلف، ألا وهو تأثير المسرح السعودي في المجتمع المحيط، مشاركته قضاياه، دعمه لخطوات نمائه وتطوّره، جذبه واستقطابه لجماهير العامة من فئام الناس ناهيك عن الخاصة من الشداة والمهتمين.
كلّ فعل لا ينتج أثراً، ولا يلتقي بقضايا الناس، يبقى محدوداً ومحصوراً، المسرح حالة اجتماعية وربما شعبية صرفة، مع إيماني أن هنالك من يكتب مسرحاً نخبوياً، وإن اعترض كثير من كتّاب ذلك النوع من المسرح، وهذا النوع لا يمكنه الاقتراب من أفهام عامة الناس الذين من حقّهم أن يستمتعوا ويفيدوا من المعطى الإبداعي المقدّم على الخشبة، أقول ذلك وأنا أعلم أن من المسرحيين من اقتربوا من شرائح المجتمع وتراثهم وفنونهم، ويشكرون على ذلك حقيقة؛ بعض تلك المسرحيات جالت عددا من مناطق ومحافظات المملكة، وحظيت بإقبال الناس زرافات ووحدانا، عائلات وأفرادا، تماسّوا مع الفكرة و(الثيمة)، صفقوا وتغنّوا، ثم خرجوا مملوئين تساؤلاتٍ وغبطة وسرورا.
وإني حين أرصد هذا الإشكال المنهجي في الحالة الإبداعية -لا أبرئ نفسي من التورّط فيه بالطبع- لأهيبُ بأصدقائي من المبدعين في مختلف عناصر الفعل المسرحي أن يعملوا على تجسير الهوة بينهم وبين جماهير الناس، وأن يترفقوا بهم من طغيان الرمزية، وحمّى التجريب، ودراما الصراخ والعويل التي لم تأت-في جلّها- على مسرحنا بخير.