أحمد حفيص المرحبي
هل تساءلت يوماً عن سبب عزوف الشباب عن الزواج؟!
ارتفاع المهور وتكاليف ما قبل الزواج هل أصبحت عائقاً ومرهقاً لكل شاب يرغب في إكمال نصف دينه وتكوين أسرة؟!
يتكبّد الزوج عناء وهموماً كثيرة لم تكن بحسبانه قبيل الزواج، فتجده تارةً يحاول جمع المهر وهو في عصرنا الحاضر لا يقل عن خمسين ألف ريال، وتارةً أخرى يحصي عدد ما يكفي من النّعم لكي يقدمها وليمةً لضيوفه، ثم قاعة الفرح وما يتبعها من مستلزمات، وتارةً أخرى يفكر أين يقضي شهر العسل؟ وهو على وشك إنفاق كل ما جمعه لأجل إكمال نصف دينه قبل لقائه بزوجته حتى!!
فيذهب للاقتراض من البنوك ويغرق في أزمة مالية هو في غنى عنها ولكنه لا يظهر ذلك خوفاً من أقوال الناس، وهذا ما يتسبب في ضغط نفسي تتحول تبعاته إلى ما بعد الزواج ولا يعلم ذلك أحد سواه!! الزوجة على الطرف الآخر غارقة ما بين عمل ضيافة للنساء والبحث عن مطربة تحيي حفلة زفاف لمدة ثلاث ساعات فقط بعشرات ومئات الآلاف من الريالات!!
وما بين تجهيز نفسها وشراء مستلزمات شخصية من حقها مثل الذهب والمجوهرات والملابس وغيرها، ولا يخفى على الجميع حجم ارتفاع أسعار الذهب خصوصاً هذه الأيام!!
فلماذا لا نكتفي بأساسيات بسيطة والبعد عن التكاليف الباهظة التي يمكن أن تتسبب بشكل مباشر في الطلاق بعد فترة وجيزة من الزواج؛ نظراً للضغوط الكبيرة وأهمها المالية طبعاً على الزوجين؟!
ثم أين دور عقلاء المجتمع مثل المستشارين الأسريين والاجتماعيين وشيوخ القبائل وعُمد الأحياء في تثقيف وتوعية الشباب لضبط آلية المهور والبعد عن التكاليف الثانوية المرهقة والاكتفاء بتبسيط المناسبات.. ولعلني أستدرك هنا وأتذكر وأذكركم كيف كان حال مناسبات الزواج في زمن جائحة كورونا -لا أعادها الله- ولكنها كانت خيرة في وقتها أراها عندما تم التوجيه من ولاة الأمر -أيّدهم الله- بالاكتفاء بعدد معين من المدعوّين ووقت بسيط للمناسبة وكثير من الشباب تمت مناسباتهم على خير ما يرام، ونعِموا براحة بال عشية فرحتهم الكبيرة.
وثمة أمر مهم وهو العانية أو المعونة المقدمة من أصدقاء العائلة للزوجين، هل هي تقدير أم أصبحت واجباً؟!
كل هذه التساؤلات يجب النظر إليها بعين الاعتبار ووضع مصلحة الشباب من الجنسين في المقام الأول، فهم ركيزة ولبنة أساسية لتنمية وبناء الوطن ولن يتمكنوا من العطاء بكفاءة عالية إلا وهم في أحسن حال، وأهم ما يجعلهم كذلك هو الاستقرار الاجتماعي.
ومضة:
أعتقد جازماً بأنه إذا ضُبطت ظاهرة ارتفاع المهور وقُنِّنت بأرقام ميسرة على الشباب وأهاليهم فسوف تكون بادرة رائعة وسوف تحظى بترحيب واسع من الجميع، ولاسيما أن ديننا الإسلامي الحنيف يحث على التيسير في شتّى شؤون الحياة وأهمها الزواج.
وفي الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أعظمَ النِّكاحِ برَكَةً أيسَرُهُ مؤنةً).. وقال سيد الخلق -عليه الصلاة والسلام-: (خير النكاح أيسره).. أو كما قال -عليه الصلاة والسلام-، والعاقبة للمتقين.