د. سطام بن عبدالله آل سعد
مع انطلاقة دوري روشن هذا الموسم، لا جديد يلوح في الأفق سوى أننا مقبلون على نسخة أخرى تعيد إنتاج ذات المشاهد التي ألفناها في المواسم السابقة.
وكالعادة تبدأ الجولة الأولى بالحماس المعتاد، تليها جولة ثانية تكشف شيئًا من العثرات، ثم ينفتح الباب واسعًا أمام سلسلة طويلة من التوقفات، والإرباك في الرزنامة، وكأن التخبط صار جزءًا من هوية الدوري.
رزنامة معطلة وقضايا متكررة
منذ البداية، تظهر القضايا العالقة؛ كتسجيل اللاعبين الجدد، والنزاعات القانونية، والقرارات التي تصدر في توقيت يربك الأندية والجماهير معًا.
وكأن هذه المشاكل وحدها لا تكفي، حتى تأتي التوقفات الدولية لتضيف عبئًا جديدًا؛ إذ يعود اللاعبون المحترفون من منتخباتهم مرهقين، فيما يواصل المنتخب الوطني برامجه، لتظل الرزنامة المحلية في حالة شد وجذب لا تعرف الاستقرار.
شمّاعات جاهزة
كل موسم، نجد ذات الشمّاعات جاهزة؛ التحكيم أولًا، ثم الإصابات، وأخيرًا تحميل النجوم الكبار المسؤولية عن تراجع فرقهم. لا أحد يريد الاعتراف بضعف المنظومة أو سوء الإعداد، فيُرمى العبء على صافرة حكم، أو إصابة لاعب، أو تقاعس محترف، وكأنها الأعذار المثالية لتبرير الإخفاق.
الضحية الأولى
ومنذ الجولة الثامنة وحتى الخامسة عشرة تبدأ عادة موجة الإقالات؛ فمدربون عالميون يأتون بآمال كبيرة، لكنهم يسقطون ضحايا أول تعثر، فتتسابق الإدارات إلى قرارات متعجلة تقودها العاطفة أكثر من الرؤية. وهكذا تتكرر المشاهد نفسها: فريق يتعثر، فجماهير تغضب، فمدرب يرحل، ثم تُعلن خطة جديدة بلا ضمانات حقيقية للنجاح.
الإعلام والألوان
وفيما يخص الإعلام الرياضي، فإنه لا يخلو من هفوات وسقطات؛ فنجد تصريحات متشنجة، وتحليلات سطحية، وانقسامات حادة بين المحللين والجماهير. في حين تزيد بعض البرامج التلفزيونية المتعصبة الطين بلة، إذ تحوّل النقاش الرياضي إلى ساحة صراع للألوان والانتماءات أكثر من كونه نقاشًا مهنيًا. وكل ذلك يجعل الساحة أكثر تشويشًا، ويزيد المشهد ارتباكًا وضجيجًا لا يخدم قيمة المشروع الرياضي الكبير.
سيناريو محفوظ
هكذا يمضي الموسم: توقفات متكررة، وقضايا تسجيل لا تنتهي، وأخطاء تحكيمية تتجدد، ومستويات متذبذبة للأندية الكبيرة، وإصابات لنجوم مؤثّرين، وصخب إعلامي يعلو على صوت الملعب. سيناريو محفوظ يتكرر عامًا بعد عام، وكأن الدوري يرفض أن يتحرَّر من إرثه الطويل من العشوائية والتقلبات.
إنّ دوري روشن يدخل موسمًا جديدًا، لكنه في جوهره يعيد تفاصيل المواسم الماضية، وكأنه مجرد إعادة بث لمسلسل قديم. وإذا لم يأتِ الإصلاح الحقيقي في الرزنامة والإدارة والتحكيم، فسيظل أسير النسخ المكررة، عاجزًا عن إضافة ما يليق بمشروع كروي عالمي يُراد له أن يتطور.