د. محمد عبدالله الخازم
قبل عدة سنوات رأوا بأن كليات التربية تحتاج إصلاح/ إعادة هيكلة، ومن الأفضل إعداد المعلم عبر برنامج ماجستير أو دبلوم ما بعد البكالوريوس. عُطلت برامج الكليات التربوية ولم ينفذ التغيير بشكل كامل. جاء موضوع رخصة التعليم، فلم تكن نتائج الاختبارات جيدة فزاد اللوم على كليات التربية.
افتتح المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي (المعهد) ليأخذ على عاتقه تطوير المعلمين مهنياً، وقبل أن ترسم استراتيجياته وجد نفسه في خضم مسؤولية إعداد المعلم وليس تطويره مهنياً. بدأ يجوب دول العالم؛ سنغافورة والمملكة المتحدة وفنلندا وغيرها، بغرض الاطلاع على التجارب التدريبية، فكانت أحد خياراته سنغافورة.
عدنا للمربع القديم؛ كليات التربية ستنفذ برنامج الدبلوم أو الماجستير السنغافوري (لا نعرف الاسم/ كخديج ولد قبل أن يفكر أهله في الاسم المناسب). الشكل الجديد فحواه؛ عليك أيها الخريج الجامعي الراغب في التعليم اجتياز البرنامج، بعدها نجري لك اختبار الرخصة، ووفق الشواغر ونتيجتك ربما يتم تعيينك معلماً.
هكذا وجدنا المعهد الحديث الذي يفترض أن يكون مهتماً بالتطوير المهني على رأس العمل، بفضل القرارات (المنضبطة) والمهتمة في (تجويد وحوكمة) العمل، يتضخم ليكون كلية تربية وطنية تعمل عبر تكليف الجامعات (كمقاولين من الباطن) بتنفيذ مهامها. كانت الجامعات تدرس دبلوماً تربوياً والآن ستدرس دبلوماً أو ماجستير تحت إشراف المعهد. نفس الأليات النظرية ونفس الأساتذة النظريين.
على العموم، التفاصيل تطول، وسردها أمر جدلي لا أحبذه، لكنني أختصر رسائلي في الآتي:-
لقد (كبرتم اللقمة) على المعهد وأخشى أن (يغص) بها. ليس منطقياً أن يكون معهدا يحبو مشرفاً على كليات التربية، لذا عليه تسليم برامج/ مناهج الدبلومات (السنغافورية) لكليات التربية، جميع كليات التربية لتتولاها بعيدا عنه. لا علاقة للمعهد باختبارات الرخصة والتوظيف، المعهد مهمته التطوير المهني للمعلم على رأس العمل. فلتمنحوه الفرصة للقيام بذلك إن كنتم تريدون له النجاح.
تطوير المعلم على رأس العمل/ التطوير المهني، يعني برامج تدريب متنوعة ميدانية يشارك في تقديمها معلمون ممارسون خبراء. وضع معايير واختيار وتأهيل المدربين الميدانين، هي المهمة التي أقيس عليها نجاح المعهد ومستقبله وليس إعداد المعلم قبل توظيفه.
اسمه معهد تطوير مهني وليس معهد إعداد معلمين أو الإِشراف على برامج إعداد وتوظيف المعلمين!
ولأن جودة كليات التربية محل تساؤل، عليكم تحفيزها عبر المنافسة؛ الكلية التي يفشل خريجوها في اجتياز المعايير، سواء كانت اختبارات رخصة أو غيرها (بنسبة محددة) يمكن إيقافها. هنا نستبعد غير الجدير منها وفق أسس تنافسية وليس عاطفية.
ورأي أخير ربما لا يعجب البعض؛ أنا لست مع اختبارات الرخصة للمعلمين فهي (مقصلة) ستكشف السنوات أنها مجرد عبء وتعقيد لا مبرر له. أقترح توظيف المعلم تحت مسمى معلم متدرب لمدة عام، ووفق تقاريره وتجاوزه للمعايير المطلوبة يتم تثبيته أو تمديد تدريبه أو الاستغناء عنه. الأجدر بتقييم المعلم هو المعلم الخبير وفق أدائه في الميدان وليس اختبارات نظرية مصطنعة. لابد من منح/ إعادة الثقة في المعلم صاحب الخبرة وتنمية قدراته في التدريب والإشراف والتقييم لزملائه المستجدين..