حنان بنت عبدالعزيز آل سيف
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة رئيس تحرير مليحة الزمان، وفريدة الأوان، المجلة الضادية العربية سابقاً
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته:
وبعد:
سيدي رئيس التحرير أكتب إليك وأنا أدندن بكلمات وأتمتم بترنيمات هي ميسم الأدباء والأديبات، وناي الشعراء والشاعرات، وهي أن يجعل لك المولى عز وجل من اسمك نصيباً، ومن أدبك رعيلاً، ومن صحافتك سلاح فكر وثقافة ونور، وعدسة مجهرية ثالثة، تريك قراء ومعجبي مليحتك الشماء، وهم يتبارون بين مضمارها، ويخترقون عويصها ومعجزها، فهم طالبون لعلمها، هاضمون للبها، وكم كان العربي القديم الفصيح يهزج ويرجز ويتألق، داقاً طبله، وعازفاً ربابته، ليضرب عليها الأشعار المغناة، والأراجيز المنتقاة، ليبلّغ عالم البادية البسيط، وساكن الصحراء المقفرة، أن، السعد قد أقبل، والفرح قدأبهج، ورجز القفار قد اهتز وانتشى وترسخ، لميلاد شاعر بليغ، متفنن، له رسالة عظيمة، وعلى عاتقيه حمل عظيم، فهو ناشر البطولات، ومنشيء المفاخرات، وهو سلاح قومه، ولسان باديته، إليه يفزعون، وعليه يعتمدون، وبه يتطاولون، وكم حفظ تاريخ الشعر من أمجاد وأتلاد وأصالات، وما دراسة العلماء، ومناظرات الفطاحلة الفصحاء، إلا شاهداً حياً، وصورة بارزة، وبرهاناً وحجة على ما ينوي تاريخهم العريق فعله، وما يضمره في صدره ليلفظه معلقات ذهبية موسومة بقصب الحرير، وزبرجد الديباج، على صفحات الأيام الآتية، والشهور المقدمة، والسنين المقبلة، هذا التاريخ الشعري قيض الله له من جمعه وحفظه وحنى عليه فأنشده الناس، ليعرفوات حق المعرفة أن شعرهم هو تاريخهم ،وقريضهم مجدهم،، ورجزهم عزهم، وما الشاعر منشد فخر، وقائل مدح فقط، بل شدوه الشعري سلاح ذو حدين إن أمسكه بحكمة نفع وفاز، وإن قبض عليه بعنفوان وبهزل خسر وهلك، والأمر جلل وخطير قال الأولون من شعراء البادية:
وللشعراء اللسنة حديده
على العورات موفية دليله
وما كان شعر النقائض في عصر الدولة الأموية إلا موسوعة إعلامية حفظت لنا ما خف وثقل، وما بان واستتر، وما خفي وظهر من تاريخ الدولة الأموية، اللغوي والأدبي والبيئي بعاداته وتقاليده وطرازه وطقوسه، وكل ما تشير إليه العين ويلمح إليه الطرف، وما هو إلا قصصاً لذوي الالباب الحية، والصدور الذكية، وما زال وسيزال (الشعر) قاموس الفكر على تعدد وتباين وتشاكل حواضره، وتنوع بواديه، وهو علم لا يموت، وتاريخ لا يفنى، إذ الشعر العربي الفصيح هو الوسيلة الإعلامية، والصحيفة اليومية والشهرية السنوية التي تؤرخ لمستقبله، ومن معينه نهل الدارسون بحوثهم، وكتبوا مؤلفاتهم، وبنوا نظرياتهم، ونظروا تاريخ الحضارة العربية، فاستقام تاريخ الأدب على عوده وانتصب على صلبه، وغدت المكتبة العربية مليئة بذخائر العلم، وكنوز المعارف، ودُرر المعارف، كل هذا من شعر باد أكثره، وبلقى أقله، ومنه ما داخله النحل فزاد الأمر تعقيداً وصعوبة ولبساً.
وما دعاني يا سيدي الرئيس إلى نسج هذه التأملات ما أراه على صفحات مليحة الزمان وفريدة الدهر والأوان المجلة العربية سابقاً، من قصائد ومنظومات واختيارات شاردة، وأراجيز وترانيم وقسمات شعرية معزوفة بارزة، هذه التنوعات والاختلافات، في تقديم الشعر لمتذوقيه ومستلذيه، له دور بارع في إقبال النفوس المتعددة المشارب على قراءته وحفظه وتقليب الناظرين بين تقاسيمه وتقاطيعه وأجزائه، هذا الأمر، وهذه الطريقة في العرض، قربت الشعر من قلوب عشاقه ومتيميه.
ومما يلحظه متصفح المجلة، ويتنبه له الباحث في تأمله، أمراً هاماً جداً وهو تقدير (المجلة العربية سابقاً) لكل كلمة شعرية هادفة، ونغمة لغوية آسره، فلا معارك لغوية بين مفرداتها الصحفية، ولا تعصب للقديم لقدمه، ولا للجديد لجدته، والمحك هو: (الكلمة الشعرية المؤثرة، والنغمة الموسيقية المستلذة) فلأنصار القديم ما يرضيهم، ولأنصار الحديث ما يعجبهم، فكل قانع مستقر، وكل غانم مستهل.
(المجلة العربية) جمعت الشتات - ثقافة ومجتمعاً وتربية ونفساً ولغة ودنيا، يقبل عليها المقبلون من خارج المملكة بنهم حيث تصل لبلادهم وتوزع بكثرة عندهم، فعليها يقبلون بإنتاجهم الفكري بحرص وعناية، ويجدون تشجيعاً منها وعناية فائقة بإبداعاتهم، وفي مسك الختام أقول : كل صحيفة يومية أو مجلة أسبوعية أو شهرية أو فصلية تعكس سمات هيئة تحريرها، متمثلة في الرئيس الأعلى إلى المرؤوس الأدنى.
والأديب الناهض (حمد القاضي) -حفظه الله ورعاه- بذر فيها أنغام الشعر، وتفانين الأدب، وفي هذه المجلة الناهضة أمر جد هام ،فهي تحمل على كاهلها كمجلة ثقافية متنوعة تتبع المبدعين والمبدعات بين شرائح هذا المجتمع السعودي الناهض والمقبل على الحياة بنشاط وهمة واستبشار، فمرحى لهم فالطريق مُعبد، والمسلك مُمهد، والعسير مُسهل، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فلها مني كل تقدير، ولرئيس تحريرها الأستاذ الأسبق(حمد القاضي) جُل ما يُسعد الخاطر من اعجاب واقرار، وكل ما يبهج الناظر من تزويق وتنميق وترقيش وتوشيم.