أ.د.عثمان بن صالح العامر
نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- افتتح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأربعاء الماضي 18/ 3/ 1447هـ، الموافق 10/ 9/ 2025م، أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، وقد أكد سمو الأمير -وفقه الله وحفظه ورعاه- في افتتاح كلمته أن (هذه الدولة المباركة قامت منذ ثلاثة قرون على مبادئ راسخة ترتكز على إعلاء الشريعة الإسلامية وإقامة العدل والشورى، وإننا نعتز بهذا النهج المبارك، وأنْ شرَّفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، وهي مسؤولية نوليها كل العناية والاهتمام، ونسخِّر لها كل طاقاتنا).
إن الباحث المنصف، السابر للواقع، القارئ لصفحات التاريخ، منذ عهد المؤسِّس الباني جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- إلى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيِّدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- سيجد أن من بين خصوصيات وطننا المعطاء المملكة العربية السعودية التي لن يجدها في بلدان العالم أجمع، أنه وطن لا يعاني من «إشكالية الشرعية»، فهي ثابتة لولاة أمرنا «آل سعود» منذ الدولة السعودية الأولى وحتى اليوم بالبيعة الشعبية المشهودة، ذات الصيغة الشرعية المعروفة والمتواترة عبر عهود الإسلام المتتابعة كما هو معروف، كما أن هذه الدولة المباركة ليست لديها «أزمة مرجعية» مثلما هو حال دول عدة ما زالت تتخبط في البحث عن مضامين لسلطتها التشريعية تحكم بها تحركاتها الداخلية والخارجية، وتسوس البلاد والعباد.
ومن خصائص نظامنا السياسي أنه لم يقفز على الواقع بمثالية طاغية، ولا هو يقف على أرضية هشة وبنْية ضعيفة، ولا يؤمن بحرق المراحل وصولاً لما يروّج له من نظم وردية مخادعة سوّق لها الكثير من المفكرين والساسة الغربيين، وتمناها بعض المثقفين وكتّابنا المعاصرين يوماً ما وما زالوا للأسف الشديد، وإنما جاء نظامنا السياسي مستنداً على الكتَّاب والسنّة، ملبياً لاحتياجاتنا الفعلية، منسجماً مع نسيجنا الاجتماعي وطبيعتنا المحلية، وهذا ما جعله -مع رسوخ منطلقاته وثبات مرجعياته- متطوراً ومتغيِّراً بشكل مدروس ومتدرِّج جراء ما يتمتع به من مرونة نظرية وتطبيقية تسمح للسلطات الثلاث « التشريعية والقضائية والتنفيذية»، أن تتواكب في خطواتها التنظيمية وسياساتها الداخلية مع ما يستجد من حال، وما يطرأ من تغيُّر وتبدُّل حادث في مجتمعنا المحلي ومحيطنا العربي والعالمي.
وعلى ضوء رؤية 2030 كان لزاماً على صُنَّاع القرار التحرّك في دائرة الخطوط العريضة للرؤية، وبناءً على ما استجد من ظروف عالمية وتغيُّرات داخلية، أثَّرت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إيقاع مسارنا التنموي والأمني والحياتي. إنّ بلادنا الغالية تشهد اليوم، في ظل توجيه مباشر، ومتابعة دائمة، ودعم منقطع النظير، ومباركة وتحفيز من لدن مقام قيادتنا الحكيمة قفزات تنظيمية، وخطوات تطويرية إدارية وتنموية، تؤكد الوعي التام من لدن ولاة أمرنا -حفظهم الله ووفقهم لكل خير- بمعطيات الواقع وظروف المرحلة، وتبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أننا دولة مؤسسات ستبقى طويلاً -بإذن الله- رغم أنوف الحاقدين وكيد الحاسدين وتحركات المفسدين الأشرار، مع وجوب الاحتفاظ بالاعتراف الجمعي لما لقيادتنا الفذة ذات العزم والحزم، من دور أساس في تعزيز الوجود المؤسساتي في بناء دولتنا التنظيمية في عالم متجدِّد ومتسارع بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. ودمت عزيزاً يا وطني، إلى لقاء، والسلام.