منصور بن صالح العُمري
لم يعد وصف الاقتصاد السعودي بالمتين مجرد عبارة إنشائية، بل صار حقيقة يترجمها الواقع وشواهد كثيرة تتحدث عنه بوضوح. فاختيار 660 شركة عالمية للمملكة مقرًا إقليميًا لها ليس حدثًا عابرًا، بل شهادة عالمية على قوة البنية التحتية، ومرونة البيئة الاستثمارية، وارتفاع مستوى الخدمات التقنية، وهي عوامل مجتمعة لا يمكن أن تتحقق إلا ضمن رؤية واضحة وبرامج مدروسة.
لقد وضعت رؤية السعودية 2030 خارطة طريق للتحول، جعلت الاقتصاد يتجاوز الاعتماد على النفط، وينفتح على قطاعات جديدة مثل السياحة، والتقنية، والطاقة المتجددة، والثقافة، والرياضة. هذا التنويع لم يأتِ على حساب الاستقرار، بل عزَّزه ومنح الاقتصاد قدرة أكبر على مواجهة التقلبات العالمية.
ولأن الاستثمار في المكان لا يكفي من دون الاستثمار في الإنسان، فقد أولت المملكة التعليم العالي وتمكين الشباب عناية بالغة. الجامعات السعودية تواصل تقدمها في التصنيفات العالمية، والبرامج البحثية تحظى بدعم واسع، والابتعاث وبرامج التدريب تسهم في صقل مهارات جيل جديد من القادة ورواد الأعمال. هذه الجهود تجعل من الشباب السعودي طاقة متدفقة قادرة على قيادة المستقبل لا مجرد الاستفادة منه. إلى جانب ذلك، فإن جودة الأداء والمتابعة الدقيقة أصبحت سمة أساسية في كل مشروع تنموي. لا تُترك الخطط حبيسة الورق، بل تُترجم إلى واقع ملموس عبر آليات رقابية ومؤشرات أداء تُتابَع باستمرار، لضمان الالتزام بالجداول الزمنية والمعايير العالية. هذا الانضباط في التنفيذ عزَّز ثقة العالم بأن المملكة قادرة على تحويل وعودها إلى إنجازات.
وما بين مشاريع عملاقة تمتد من «نيوم» إلى «البحر الأحمر»، واستثمارات تتنامى في قطاعات المعرفة، وتمكين يتصاعد للشباب، تبدو صورة الاقتصاد السعودي أكثر رسوخًا من أي وقت مضى. إنه اقتصاد لا يكتفي بالحفاظ على مكانته، بل يسعى لقيادة المنطقة نحو مرحلة جديدة من الازدهار.
ولعل أصدق تعبير عن هذه الطموحات ما أكده صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حين قال: «أعتقد أن أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط، والسعودية ستكون مختلفة تمامًا خلال خمس سنوات.» هذه الكلمات تختصر الحلم وتكشف عن ثقة كبيرة بالمستقبل، ثقة تستند إلى واقع اقتصادي صلب، ورؤية تستشرف الغد بعين واثقة.