د. علي القحيص
خلال عملي كصحفي في الصحافة اليومية الخليجية، أتيحت لي فرص متعددة، التقيت خلالها بملوك ورؤساء وأمراء ومسؤولين وصناع قرار، من خلال عملي في مدينة دبي للإعلام على مدى اكثر من عشرين عاماً، منحنتي الفرصة ان أجري الكثير من الحوارات واللقاءات وحضور مؤتمرات ومنتديات ولقاء قادة وسياسيين وإعلاميين وصحفيين ومفكرين كبار.
من هؤلاء الإعلاميين الكبار والصحفيين المخضرمين، الذين استفدت من تجاربهم وخبراتهم الأستاذ الراحل تركي بن عبدالله السديري، -يرحمه الله- (1943- 2017)، رئيس تحرير صحيفة الرياض، حيث عرفني عليه قبل أكثر من ثلاثة عقود الراحل الكبير فهد العلي العريفي -يرحمه الله- (1929- 2004) عندما كان مديراً عاما لمؤسسة اليمامة الصحفية، وقال للسديري، (شف هالبدوي)، تراه متعدد المواهب ممكن الاستفادة من مهاراته وإمكانياته، وفعلا أعجب تركي السديري بأعمالي الفنية وأصدر قرارا بتعييني حالاً عام 1992.
المهم تدرجت في العمل بصحيفة الرياض في أكثر من موقع وقسم، وحين وردت ملاحظات متكررة على بعض رسوماتي الكاريكاتيرية اللاذعة والهادفة، قال لي السديري، ما نريد أن نخسرك لحسن خلقك وطباعك وتعاملك وصدقك، صحيح أنك عملت لي صداعا بأفكارك المشاكسة المجنونة المعاكسة لشخصيتك تماماً، لكن أرجو أن تفكر أن تستلم مديراً لمكتبي لأنك أمين وتمتلك خلفية صحفية جيدة!
وهذا ما تم إلا أني لم أستطع أن أستمر أكثر من سنة، لأن أبا عبدالله صعب المراس، يريد لو نظر إليك أن تفهم ما يود قوله قبل أن يتكلم في الموضوع المقصود من أجله!
قلت يا أباعبد الله، أنت تحتاج واحد وعلى كتفه (جني)، لكي يفهم ما تقصده!
المهم افترقنا بالعمل بروح رياضية ودية، وطلبت منه نقلي في حينها إلى مكتب دبي الإقليمي في الإمارات، وهناك فتحت لي آفاق كثيرة، منها أكملت دراستي العليا وهذا المهم، وأسست شبكة علاقات اجتماعية واسعة، من أهل الإمارات وخارجها وضيوفها!
المهم استلمت عملي مديراً لمكتب صحيفة الرياض في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وكان يتعامل معي الإماراتيون، على أني رئيس تحرير، بحكم نجومية الصحيفة في تلك المرحلة وأهميتها وتأثيرها ودورها.
المهم في إحدى زياراتي لمدينة الرياض، ولمقر الصحيفة نفسها، قلت لبعض الزملاء بالتحرير بعد احتلال العراق عام 2003، انتبهوا لرئيسكم وصحيفتكم، ترا إذا تركي السديري ترك الصحيفة، سوف تصبحون مثل العراق بعد صدام حسين!
وأعرف وأجزم أن المعلومة سوف تصل لتركي السديري، لأن بعض الفارغين (هذه شغلتهم)! والمهم وخلال إحدى زيارات السديري لاحقا لمدينة دبي، ودعوتنا إلى فندق اطلنطس الفخم، وهو لاشك كريم بولائمه وعطائه ورفقته مع أصدقائه وزملائه. بعد العشاء قال لأصحابه، سوف نذهب نتمشى أنا وعلي.. برا الفندق، وأثناء سيرنا قال كيف تقول: (إني أنا زي صدام حسين دكتاتور)!
قلت مع فارق التشبيه!
أبو عبدالله... الذي نقل لك المعلومة غبي وغير أمين!
ولم يكمل الجملة، أنا قلت انتبهوا ترى إذا رئيسكم تركي السديري، ترك الصحيفة، سوف تصبحون (طرائق قددا)، مثل العراق بعد الاحتلال بدون صدام حسين!
قال طيب.. ويبدو أنه راق له الوصف والتشبيه، وأردف قائلاً: طيب أنت (تكره......؟....أيهم (....).وأيهم السنة)! قلت له الطائفة المتطرفة (.....) هم قسم الاقتصاد! فضحك على طريقتهم الخاصة، وقال أنت (شيطان أبقع) والذي نقل لي المعلومة فعلاً غبي وغير أمين في نقل المعلومة!
رحم الله صدام حسين، كان دكتاتوراً من أجل وطنه، ورحم الله تركي السديري، كان حاسماً في قراره من موقعه!