رسيني الرسيني
في عالم الأعمال، أتصور لا يوجد لوحة فنية أجمل من اجتماع المنظمين والمختصين تحت سقف واحد. هذا هو مؤتمرMoney 20/20 الذي يعتبر منصة محورية في الرياض تجمع بين القطاعين الحكومي والخاص في مشهد مالي فريد، إذ يستضيفه برنامج تطوير القطاع المالي بالتعاون مع البنك المركزي السعودي (ساما)، وهيئة السوق المالية، وهيئة التأمين، وبتنظيم مشترك من «فنتك السعودية» و«تحالف».
هذا التلاقي يتيح تبادل وجهات النظر بين صانعي السياسات وقادة الأعمال والمبتكرين، مما يعزز من فهم التوجهات المستقبلية للقطاع المالي.
كما يسهم الحدث في مواءمة الإستراتيجيات وتحديد الأولويات بفاعلية، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية، واستكشاف فرص التعاون، وتطوير حلول تدعم النمو والاستدامة. إنه حوار عملي تحت سقف واحد، يبني جسورًا بين الرؤية والتنفيذ.
يُعد مؤتمر Money 20/20 من أبرز الفعاليات العالمية في مجال التقنية المالية، ويستقطب هذا العام في الرياض أكثر من 350 متحدثًا يمثلون مؤسسات مالية وتقنية عريقة من مختلف أنحاء العالم، مع مشاركة تفوق 45 ألف شخص من 40 دولة، و450 علامة تجارية محلية وعالمية، بالإضافة إلى 600 مستثمر بارز.
كما يناقش المؤتمر عدة محاور، أهمها: دور الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، وتطور الأطر التشريعية والتنظيمية، والابتكار الشامل، وتعزيز الشمول المالي. ومن أبرز فعالياته التي تدعو للإعجاب، تنظيم مسابقة للشركات الناشئة تُمنح فيها تمويلات تصل إلى 1.5 مليون ريال سعودي دون مقابل ملكية، في خطوة لتمكين ودعم المواهب المحلية والإقليمية الواعدة.
يمثل مؤتمر Money 20/20 انعكاسًا عمليًا لأهداف برنامج تطوير القطاع المالي، الذي يسعى إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا في مجال التقنية المالية. ومن أبرز مستهدفاته زيادة عدد شركات الفنتك الفاعلة بالمملكة، وخلق ما يقارب 18 ألف وظيفة في القطاع بحلول عام 2030م. كما يطمح إلى رفع القيمة التراكمية للاستثمار الجريء في شركات الفنتك إلى 12 مليار ريال سعودي. وتُعد هذه الأهداف محفزًا قويًا لجذب الابتكار والاستثمار، ويُسهم المؤتمر في تفعيل هذا التوجه عبر بناء شبكة علاقات إستراتيجية، وتبادل المعرفة، وتعزيز حضور المملكة على الساحة المالية العالمية. وقد أشرت إلى نسبة الإنجازات لهذه المستهدفات في مقالة سابقة بعنوان: المملكة موطناً ومركزاً عالمياً للتقنية المالية.
أما فيما يتصل بالأثر الاقتصادي، فمن المؤكد أن استضافة مؤتمرات كبرى تعزز موقع المملكة كمركز مالي عالمي، من خلال خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المالية والمشاريع الكبرى. كما تندرج ضمن جهود تنويع مصادر الدخل، عبر دعم قطاعات غير نفطية مثل: السياحة والفعاليات الاقتصادية، بما يجذب الزوار ورجال الأعمال.
كذلك، تدعم هذه الفعاليات رواد الأعمال من خلال إتاحة فرص التمويل والنمو للشركات الناشئة والمتوسطة.
وأخيرًا، تُسهم في توطين الخبرات المالية، عبر استقطاب العقول العالمية وتطوير الكفاءات الوطنية، ما يعزز من تنافسية المملكة في السوق العالمي.
حسنًا، ثم ماذا؟
يبقى الانتظار لنتائج هذا المؤتمر والذي يتوقع فيه إعلانات شراكات بين الكيانات المالية واستثمارات في الشركات الناشئة، وذلك تتويجًا لهذا الحدث الأبرز في عالم التقنية المالية في الشرق الأوسط.