عايض بن خالد المطيري
أن تُسرق 51 مدرسة في قلب العاصمة، بعضها أكثر من مرة، فذلك لا يمكن اعتباره مجرد «حوادث متفرقة»، بل شهادة واضحة على غياب منظومة أمنية تحمي أغلى استثمارات الدولة التعليم. القضية ليست في اللصوص الذين أُلقي القبض عليهم، بل في السؤال الأخطر من ترك هذه المدارس مشرعة الأبواب أمامهم؟
وزارة التعليم أنفقت مليارات الريالات على بناء المدارس وتجهيزها بأحدث القاعات والمختبرات، لكنها قصرت في أهم بند يحمي هذه الاستثمارات الأمن الوقائي. كاميرا واحدة أو إنذار ذكي قد يردع جريمة قبل وقوعها، ومع ذلك تُترك المباني خاوية، بلا حارس ولا عين تراقب. أي مفارقة هذه؟
الأمن العام قام بدوره وأوقف العصابة، لكن المشكلة أعمق من مجرد جريمة جنائية. المدارس تتحول بعد الدوام إلى مبانٍ ساكنة يسهل اختراقها، في ظل غياب تام للحراسات المباشرة أو الأنظمة الذكية. لو كانت هناك منظومة موحدة من كاميرات مراقبة عالية الدقة، وأجهزة استشعار مرتبطة بمركز عمليات بالوزارة، لما تمكنت أي عصابة من العبث بممتلكات عامة يُفترض أنها محمية.
المثير للدهشة أن الوزارة تعلن عن «مدارس ذكية» و»تحول رقمي»، لكنها تغفل عن أبسط أساسيات «الرقمنة الأمنية». كيف نفاخر بتعليم إلكتروني متطور، بينما بوابات المدارس تُفتح للصوص كما لو كانت مخازن مهجورة؟
الحلول ليست معقدة ولا مكلفة شبكة كاميرات، أقفال إلكترونية، إضاءة تلقائية، وربط مباشر بمراكز متابعة. كلها أدوات أقل تكلفة من قيمة النحاس المسروق أو تعطيل العملية التعليمية. لكن ما ينقص هو الإرادة في حماية ما بُني بجهد ومال عام. الملف اليوم لم يعد أمنياً فقط، بل إدارياً بامتياز. المطلوب ليس القبض على اللصوص فحسب، بل محاسبة من جعل عشرات المدارس أهدافاً سهلة. فالتعليم بلا أمن، كالمبنى بلا أساس؛ لا يصمد، ولا يحمي مستقبل وطن.