خالد محمد الدوس
اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدام مناهجه العلمية في دراسة المجتمع البشري وظواهره، واكتشاف قوانين النظام الاجتماعي الذي يحافظ على استقرار المجتمع وضبط توازنه. وقد أسهم كثير من المفكرين والمنظرين والعلماء في إثراء هذا الميدان العلمي الخصيب، وإشباع اتجاهاته السويولوجية.
ومن الأكاديميين في علم الاجتماع السعودي المتخصصين أ. د. عبدالله المحمد الخريجي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك العزيز بجدة - سابقاً - وأحد الرواد الأوائل الذين ساهموا في تأسيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة المؤسس في عقد السبعينيات الميلادية من القرن الفائت والذي جاء استجابة لاحتياجات المملكة العربية السعودية من الكفاءات الوطنية العلمية المؤهلة من أجل المساهمة في مسيرة التنمية الشاملة في مختلف المجالات الاجتماعية في المجتمع.
وكانت الرؤية تهدف إلى التميز في دراسة الظواهر والمشكلات الاجتماعية وعلاجها، وتأهيل المتخصصين معرفيا وبحثيا ومهنيا للمساهمة في تنمية وخدمة المجتمع، في حين كانت الرسالة تهدف إلى التطوير المستمر في مجالات التدريس والتدريب والبحث العلمي من خلال استراتيجيات وبرامج أكاديمية وشراكات مع قطاعات المجتمع المختلفة.
ولد عالم الاجتماع السعودي الأستاذ الدكتور عبدالله الخريجي في المنطقة الغربية وبعد أن أتم دراسته بالتعليم العام سافر إلى جمهورية مصر العربية ودرس في جامعة القاهرة في الستينيات الميلادية إلى أن نال شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع مع مرتبة الشرف الأولى في تخصص دقيق (التغير الاجتماعي والثقافي). وبعد عودته من القاهرة في السبعينيات الميلادية عمل أستاذا مساعدا في قسم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وواصل عمله الأكاديمي في جامعة المؤسس حتى صدر قرار المجلس العلمي بالجامعة القاضي بترقيته للأستاذية تتويجا لمسيرة عالم فذ كان من رواد علم الاجتماع السعودي.
ويعد أ. د. عبدالله الخريجي من مؤسسي قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وترأس القسم عدة سنوات وساهم مع بقية زملائه من الخبراء في علم الاجتماع ومنهم أ. د. أبو بكر باقادر وأ. د. حسن خفاجي وأ. د. إسماعيل كتبخانه وغيرهم ممن عاصروا فترة البناء والتأسيس للقسم، وذلك في النصف الأول من عقد السبعينيات الميلادية، من خلال تطوير برامجه التعليمية وأنشطته البحثية، واستمر في العمل الاكاديمي ما ينيف عن ثلاثة عقود من الزمن ساهم في تقديم العديد من الأبحاث العلمية والمؤلفات الثرية وأبرزها كتاب: علم الاجتماع الديني وكتاب علم الاجتماع الاقتصادي وكتاب الضبط الاجتماعي وكتاب طرق مناهج البحث بالمشاركة مع البروفيسور محمد الجوهري، وكانت اهتماماته في المجالات التغير الاجتماعي والثقافي والضبط الاجتماعي ومناهج البحث الاجتماعي والاقتصاد والأسرة وقضايا الشباب والتنشئة الاجتماعية، والنظريات الاجتماعية.
وفي سياق هذه المؤلفات الثرية التي تشكل إضافة تراكمية في المعرفة الانسانية يأتي كتابه الأشهر علم الاجتماع الديني الذي ألفه قبل ما ينيف عن أربعة عقود زمنية ليكشف أن علم الاجتماع الديني هو وليد العلاقة الجدلية بين الموضوعات التي يدرسها كل من علم الاجتماع والدين فقبل ظهور علم الاجتماع الديني في النصف الأول من القرن العشرين كانت موضوعاته وأدبياته مشتتة ومبعثرة في حقلي علم الاجتماع والدين غير أن ظهور العلم الجديد علم الاجتماع الديني قد ساعد على فصل الموضوعات الاجتماعية والدينية من حقلي علم الاجتماع والدين ووضعها في متن الاختصاص الجديد لكي تنمو وتنضج وتتكامل وبالتالي، تصبح قادرة على تفسير الظواهر الاجتماعية والدينية تفسيرا علميا هادفا وموضوعيا.
ومن هذا المنطلق يأتي الكتاب الأول من حيث سنة التأليف والمحتوى العلمي الرصين «غنيا» من الناحية المفاهيمية والنظرية، مما جعله مرجعا هاما للباحثين والدراسين في ميادين علم الاجتماع.
البروفيسور عبدالله الخريجي هو أحد أعمدة علم الاجتماع السعودي وقد ترك إرثا أكاديميا غنياً من خلال أبحاثه الرصينة التي وثقت وحللت التحولات الكبرى في المجتمع السعودي ومن خلال مساهمته في تأسيس وتطوير البرامج التعليمية في علم الاجتماع أبان عمله الأكاديمي في جامعة المؤسس.